للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إسحاق، عن عطاء، عن رافع) (١).

والحديث بمجموع طرقه صحيح، خلا لفظة: "بغير إذنهم" فقد تفرد بها أبو إسحاق السبيعي، كما ذكر ذلك الإمام أحمد (٢). وحسن ابن القيم هذا الحديث، ورأى أن لفظة: "بغير إذنهم" صحيحة في النظر وإن لم تثبت في النقل، وقال: (فمثل هذا الحديث الحسن الذي له شاهد من السنة على مثله -وقد تأيد بالقياس الصحيح- من حجج الشريعة، وبالله التوفيق) (٣).

* الوجه الثاني: الحديث دليل على أن من غصب أرضًا ثم زرعها فإن الزرع يكون لصاحب الأرض، ويدفع للغاصب قيمة الزرع من بذر وحرث وسقي، ونحو ذلك، ولصاحب الأرض أن يبقي الزرع للغاصب بأجرة مثله إلى الحصاد مع أرش نقص الأرض، وهذا إذا كان الزرع قائمًا، أما إذا كان الأمر بعد الحصاد فليس لصاحب الأرض إلا الأجرة، وهذا مذهب الإمام أحمد، وقول كثير من أهل المدينة، وأبي عبيد، وابن حزم (٤).

وعلى هذا فلا يجبر الغاصب على قلع زرعه؛ لأنه إتلاف للمال وإضاعة له، وقد أمكن رد الأرض المغصوبة إلى مالكها من غير إتلاف مال الغاصب على قرب من الزمان.

وذهب الجمهور من العلماء إلى أن الزرع للغاصب (٥)، وعليه أجرة الأرض، وأن لصاحب الأرض قلعه قبل الحصاد، وأما بعد الحصاد فليس له إلا الأجرة، واستدلوا بالحديث الآتي: "ليس لعرق ظالم حق"، وسيأتي مزيد كلام عند هذا الحديث، إن شاء الله.

والقول الأول أرجح لقوة دليله، وهو حديث الباب، ومن حيث المعنى -أيضًا-، ودليلهم قال عنه الصنعاني: (وهو لأهل القول الأول أظهر في الاستدلال)، والله تعالى أعلم.


(١) "العلل" (١/ ٤٧٥، ٤٧٦).
(٢) "مسائل أبي داود" ص (٢٠٠).
(٣) "تهذيب مختصر السنن" (٥/ ٦٤).
(٤) "المحلى" (٥/ ٢٥٠) (٨/ ١٤٤)، "بداية المجتهد" (٤/ ١٤٨)، "الشرح الكبير مع الإنصاف" (١٥/ ١٣٤).
(٥) "المغني" (٧/ ٣٧٦)، "نيل الأوطار" (٥/ ٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>