للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والعرق الظالم قد يكون ظاهرًا كالبناء والغرس، وقد يكون باطنًا وهو ما احتفره الرجل من الآبار، أو استخرجه من المعادن (١).

° الوجه الرابع: الحديث دليل على أن من غرس نخلًا في أرض غيره فهو ظالم ولا حق له في ذلك، ويؤمر بقلع نخله وإخراجه، ومثل ذلك لو بنى في الأرض المغصوبة فإنه يلزمه إزالة البناء. وقد نقل ابن رشد الإجماع على ذلك، وقال الموفَّق: (لا نعلم فيه خلافًا) (٢).

قال ابن عبد البر عن هذا الحديث: (هو حديث متلقى بالقبول عند فقهاء الأمصار وغيرهم، وإن اختلفوا في بعض معانيه) (٣).

وإذا قلع النخل لزمه تسوية الحفر، وردّ الأرض إلى ما كانت عليه؛ لأنه ضرر حصل بفعله في ملك غيره، فلزمته إزالته، وعلى هذا ففيه فرق بين الغرس كما هنا والزرع كما في حديث رافع بن خديج الذي قبله، وهو أن الغرس يقلع، والزرع يبقى على التفصيل السابق.

وأما قول الأكثرين: إن الحكم في الزرع كالحكم في الغرس وهو أنه يقلع فهو قول مرجوح؛ لأن الغرس مدته تطول، ولا يعلم متى ينقلع من الأرض، فانتظاره يؤدي إلى ترك ردِّ الأصل بالكلية، بخلاف الزرع فإن مدته لا تطول، والقول بالتفريق عمل بالدليلين معًا، وهو أولى من إبطال أحدهما (٤)، والله تعالى أعلم.


(١) "فتح الباري" (٥/ ١٩).
(٢) "بداية المجتهد" (٤/ ١٤٧)، "المغني" (٧/ ٣٦٥).
(٣) "التمهيد" (٢٢/ ١٨٤).
(٤) "المغني" (٧/ ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>