للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شفعة في فناء، ولا طريق، ولا منقبة، ولا رُكْحٍ، ولا رَهْوٍ) (١). والمنقبة: الطريق الضيق يكون بين الدارين الذي لا يمكن أن يسلكه أحد. والرُّكْح -بضم الراء، وسكون الكاف-: ناحية البيت من ورائه. والرهو: الجوبة تكون في محلة القوم يسيل فيها ماء المطر أو غيره.

فنفى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبوت الشفعة في هذه المذكورات التي لا تمكن قسمتها، ويلحق بها ما في معناها مما لا يمكن الانتفاع به مع قسمته.

والراجح هو القول الأول، لقوة مأخذه، وهو عموم الأدلة في هذا الباب، ولدخول ذلك تحت المعنى الذي لأجله شرعت الشفعة، وهو دفع الضرر عن الشريك.

وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فهو حديث ضعيف لا يعرف له إسناد، بحيث ينظر في رجاله، ومثل ذلك لا يقف في مقابلة الأحاديث الثابتة.

وعلى فرض صحته فلا حجة فيه؛ لأن الأشياء المذكورة ليست مملوكة لشخص معين لتصح الشفعة فيها، وإنما هي مرافق مشتركة بين البيوت، يُنتفع بها حسبما جرت به عادة السكان.

° الوجه السادس: استدل بعض العلماء بحديث الباب على أن الشفعة لا تثبت في المنقول؛ كالسيارات والكتب والحيوان وآلات الحراثة والسقي ونحو ذلك.

قالوا: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصر الشفعة على ما هو عقار وليس بمنقول بقرينة وقوع الحدود وتصريف الطرق، وهذا مما يختص بالعقار، قالوا: ولأن الضرر في المنقول ضرر يسير ثم هو عارض لا يتأبد، فهو كالمكيل والموزون، فيمكن التخلص منه بالقسمة أو البيع أو التأجير، بخلاف الضرر في العقار فهو ضرر كثير ويتأبد بتأبده.

وهذا قول الحنفية، والشافعية، وهو المذهب عند الحنابلة، وقول


(١) "غريب الحديث" (٢/ ٥٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>