للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للمالكية، واختيار الشيخ عبد الرحمن السعدي (١). لكن إن كان المنقول تابعًا للعقار وبيع معه ثبتت فيه الشفعة، سواء أكان متصلًا بالعقار كالشجر والنخل، أم كان غير متصل به ولكن من لوازمه كآلات الحراثة والسقي، ونحوهما للأراضي الزراعية.

والقول الثاني: أن الشفعة تثبت في المنقول ولا تختص بالعقار، فكل جُزْءٍ بِيعَ مشاعًا في سيارة، أو ثوب، أو آنية، ونحو ذلك من المنقولات، ففيه الشفعة، وهو قول الظاهرية، وجماعة من السلف، وهو رواية عن أحمد، اختارها ابن عقيل، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والشيخ عبد العزيز بن باز (٢). واستدلوا بعموم: (قضى بالشفعة في كل شيء) فإنه يتناول العقار والمنقول، ولأن حق الشفعة لم يثبت إلا لدفع الضرر، والضرر كما يوجد ويتوقع في العقار، كذلك يوجد ويتوقع في المنقول، بل قد يكون في المنقول أشد.

وهذا القول وجيه في نظري، لقوة مأخذه، وهو عموم الأدلة في هذا الباب مع المعنى الذي لأجله شرعت الشفعة، وهو دفع الضرر، والضرر في المنقول يحصل بسبب الشركة كغير المنقول، فقد يكون الشريك الأول في السيارة -مثلًا- ملائمًا في قرب مكانه، وكرم طبعه، بخلاف ما يتوقع من الشريك الثاني بعد بيعها؛ لبعد مكانه وما يتوقع من معاملته.

وأما ما استدل به أصحاب القول الأول، فعنه جوابان:

الأول: أن قوله: (فإذا وقعت الحدود … ) لا يدل على أن الشفعة لا تكون إلا في العقار كالبناء والأرض والمزرعة، بل الحدود واقعة على كل ما يقبل القسمة من طعام وحيوان وسيارة وآلات حراثة وسقي ونحو ذلك، فأول الحديث فيه عموم، وآخره لا ينفي هذا العموم.


(١) "تبيين الحقائق" (٥/ ٢٥٢)، "المهذب" (١/ ٤٩٤)، "بداية المجتهد" (٢/ ٢٢٣)، "الإنصاف" (٦/ ٢٥٦)، "الإرشاد" ص (١٥٢).
(٢) "المحلى" (٩/ ٨٢)، "الفروع" (٤/ ٥٢٩)، "إعلام الموقعين" (٢/ ١٢١)، "الإنصاف" (٦/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>