للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أن آخر هذا الحديث الدال على الشفعة في العقار هو من باب ذكر بعض أفراد العام بحكم العام، وهذا لا يقتضي التخصيص، ولا يخرج أول الحديث عن دلالته على عموم الشفعة في المنقول.

° الوجه السابع: الحديث دليل على أنه ينبغي للشريك إذا عزم على بيع نصيبه المشاع أن يخبر شريكه بذلك ليشتريه منه أو ليأذن له في بيعه على من يشاء، فإن باع ولم يؤذنه فإن الشريك أحق بالشقص من المشتري.

وليس لهذا الشريك أن يخفي البيع عن شريكه أو يقول إنه وهبه، أو يذكر ثمنًا كثيرًا حتى لا يشفع شريكه، فكل ذلك ونحوه لا يجوز؛ لأنه من الحيل لإسقاط الشفعة وإبطال حق المسلم.

وظاهر قوله: (لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه … ) أنه محرم عليه البيع حتى يعلم شريكه، وحمله بعض العلماء على الندب، وأن كراهة بيعه قبل إعلامه كراهة تنزيه، قالوا: لأنه يصدق على المكروه أنه ليس بحلال، ويكون الحلال بمعنى المباح (١).

° الوجه الثامن: دلت رواية مسلم: "فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به" على أن الشريك أحق بالشقص من المشتري إذا باعه شريكه ولم يعلمه، فإن أعلمه بالبيع فأذن فيه، فباع، ثم طلب الشفعة بعد البيع، فالأكثرون على أن له الشفعة، فتثبت مطالبته بها متى وجد البيع؛ لأن الشفعة إنما وجبت بعد البيع، وعن الإمام أحمد، وجماعة من السلف: أن الشفعة تسقط، لرواية مسلم، فإن مفهومها أنه إن باع الشقص وقد آذنه فلا حق له، والله تعالى أعلم (٢).


(١) "شرح النووي على صحيح مسلم" (١١/ ٥٠).
(٢) انظر: المصدر السابق، "المغني" (٧/ ٥١٤)، "شرح الزركشي" (٤/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>