للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان ذا روح عرضة للهلاك، مع ما يحتاج إليه من المؤنة وزيادة الكلفة.

قوله: (ولا تحمله في بحر) أي: لا تنقله بواسطة السفن والمراكب البحرية؛ لئلا يتعرض للغرق.

قوله: (ولا تنزل به في بطن مسيل) أي: بطون الأودية ومجرى مياه الأمطار لما في ذلك من تغريق المال؛ لأنه يحمله السيل أو يفسده.

قوله: (على أن الربح بينهما) أي: مناصفة؛ لأنه أضاف الربح إليهما إضافة واحدة ولا مرجح فاقتضى التسوية، كما لو قال: هذه الدار بيني وبينك، أو هذه الكتب بيني وبينك.

° الوجه الرابع: الحديث دليل على ثبوت شركة المضاربة وأن الصحابة - رضي الله عنهم - قد تعاملوا بها من غير نكير، كما ورد عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وحكيم بن حزام وغيرهم -رضي الله عنهم-، وهذا إجماع منهم على جوازها، وقطع ابن حزم أن القراض كان في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلم به وأقره، ولولا ذلك ما جاز (١)، ثم إن المعنى يؤيد ذلك فإن تنمية المال واستثماره مقصد شرعي، ولا ينمو المال إلا بالعمل والتجارة، وليس كل من يملك المال يحسن التجارة، ولا كل من يحسن التجارة يملك المال، فاحتيج إلى المضاربة من الجانبين، فشرعها الله تعالى تحقيقًا لذلك.

° الوجه الخامس: الحديث دليل على أنه يجوز لصاحب رأس المال أن يشترط على المضارب ما يراه صالحًا لحفظ المال وصيانته من الفساد، كأن يشترط ألا يسافر بالمال، أو ألا يتجر إلا في بلد بعينه، أو يشترط عليه نوعًا معينًا من السلع، أو يشترط ألا يضع ماله في تجارة يخشى تلفها أو تحتاج زيادة مؤنة كتجارة الماشية، فهذا شرط صحيح، وعلى العامل أن يلتزم بذلك، فإن خالف وفسد المال فإنه يضمن.

فإن شرط رب المال على العامل جزءًا من الربح مجهولًا أو مقطوعًا،


(١) "مراتب الإجماع" ص (١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>