للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالمزارعة في الزرع، والمساقاة تتعلق بشجر موجود العنب والنخل والتين ونحو ذلك. قال الحافظ: (هذا الحديث هو عمدة من أجاز المزارعة والمخابرة لتقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك واستمرارهم على عهد أبي بكر إلى أن أجلاهم عمر - رضي الله عنه -) (١).

وذلك لأن المسلمين كانوا مشغولين بالجهاد وليس عندهم الفراغ حتى يقوموا على أرض خيبر وشجرها، واليهود فارغون لهذا، وهم أبصر بهذا العمل من المسلمين، فلهذا اقتضت المصلحة الشرعية بقاءهم في ذلك الوقت وإن كانوا أعداء، واستمروا على ذلك إلى أن أخرجهم عمر - رضي الله عنه - في خلافته بسبب أحداث أحدثوها (٢)، وتنفيذًا لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عنه عمر - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلمًا" (٣).

ولأن عمر - رضي الله عنه - تفرغ لهذا الشيء وطالت مدة خلافته، بخلاف الصدّيق - رضي الله عنه - فإن خلافته كانت قصيرة، وشغل بقتال أهل الردة.

° الوجه الرابع: الحديث دليل على جواز المساقاة في النخيل والعنب وجميع الشجر الذي من شانه أن يثمر بجزء معلوم من الثمرة يجعل للعامل، وهذا مذهب الإمام أحمد، قد ورد في بعض ألفاظ الحديث (بشطر ما يخرج منها من نخل وشجر)، وفي رواية: (على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشجر)، وهذا يدل على أن الحكم شامل لكل ما فيه نفع مقصود من الأشجار؛ لأن الحديث جاء بلفظ الثمرة، وهو عام في كل ثمر، ومن خصصه بثمر معين كالنخل، كما هو قول الظاهرية، أو النخل والعنب، كما هو قول الشافعي في الجديد، فهو قول مرجوح؛ لأنه تخصيص يحتاج إلى دليل.

والقول بجواز المساقاة هو قول الصحابة والتابعين، وهو مذهب


(١) "فتح الباري" (٥/ ١٣).
(٢) راجع كتاب "الشروط" من "صحيح البخاري" (٥/ ٣٢٧ "فتح").
(٣) أخرجه مسلم (١٧٦٧)، وسيأتي شرحه في كتاب "الجهاد" إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>