للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية، وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية.

وقال أبو حنيفة: لا تجوز المساقاة؛ لأنها إجارة بثمرة معدومة أو مجهولة، وهذا قول ضعيف مصادم للدليل من جهة، ومعتمد على قياس غير صحيح من جهة أخرى، فإن المساقاة عقد على عمل في المال ببعض نمائه، فهي كالمضاربة، فإن المضارب يعمل في المال بجزء من نمائه، وهو معدوم مجهول، ومن أباح المضاربة دون المساقاة فقد فرق بين متماثلين.

وهذا الحديث يدل على جواز الجمع بين المساقاة والمزارعة في بستان واحد، بأن يساقيه على الشجر ويزارعه على الأرض.

° الوجه الخامس: الحديث دليل على جواز المساقاة والمزارعة بجزء مشاع معلوم كالثلث مما يخرج منها أو الربع ونحو ذلك، فإن شرط أحدهما ثمرة شجرة معينة لم يصح؛ لأنه قد لا يحمل غيرها، أو لا تحمل فيحصل الضرر والغرر، أو شرط آصعًا معلومة كمائة صاع لم يصح؛ لأنه قد لا تخرج إلا ذلك، فلا يكون للآخر شيء.

° الوجه السادس: ظاهر الحديث أن المساقاة والمزارعة من العقود الجائزة عند الإطلاق، وهذا ظاهر كلام الإمام أحمد (١)، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "نقركم بها ما شئنا"، ووجه الدلالة: أنه لو كان هذا العقد لازمًا لم يجز بغير تقدير مدة، ولا أن يجعل الخيرة إليه في مدة إقرارهم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينقل عنه أنه قدر لهم ذلك بمدة.

فإن حددت المساقاة أو المزارعة بمدة فهي عقد لازم كالإجارة، فإن لم يحدد مدة فهما على تراضيهما، وللمالك أن يخرج العامل متى شاء، وللعامل أن يخرج متى شاء على وجه لا يضر بالآخر، لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضرار" (٢).


(١) "المغني" (٧/ ٥٤٢).
(٢) سيأتي تخريجه في باب "ما جاء في الحمى" إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>