للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن كان الفسخ بعد ظهور الثمرة فهي بينهما على ما شرطاه عند العقد، ويلزم العامل إتمام العمل؛ كالمضارب يلزمه بيع العروض إذا فسخت المضاربة بعد ظهور الربح.

وإن كان الفسخ قبل ظهور الثمرة وقد جاء من قبل رب المال فعليه للعامل أجرة المثل؛ لأنه منعه إتمام عمله الذي يستحق به العوض.

وإن كان الفسخ من قبل العامل فلا شيء له؛ لأنه رضي بإسقاط حقه فصار كعامل المضاربة إذا فسخ قبل ظهور الربح.

وذهب الجمهور من العلماء إلى أن المساقاة والمزارعة من العقود اللازمة، وعلى هذا فلا بد من تحديد مدة معلومة، قالوا: لأنه عقد معاوضة فكان لازمًا كالإجارة، ولأنه لو كان جائزًا لجاز لرب المال فسخه إذا أدركت الثمرة فيسقط حق العامل، فيحصل له الضرر.

وأجابوا عن قصة خيبر بأجوبة غير ناهضة، كقولهم: باحتمال أن المدة كانت مذكورة ولم تنقل (١).

والقول الأول أرجح، وهو أنه عقد جائز، إلا إن حدد مدة فهو عقد لازم، وهذا القول هو الذي تؤيده الأدلة، وفيه الجمع بين النصوص والقواعد الشرعية، وهو اختيار الشيخ عبد العزيز بن باز.

وأما قولهم بالقياس على الإجارة، فهو غير صحيح؛ لأن الإجارة بيع المنافع فكانت لازمة كبيع الأعيان، ولأن عوضها مقدر معلوم فأشبهت البيع، ثم إن هذا القياس منقوض بالمضاربة، وهي أشبه بالمساقاة من الإجارة، فقياسها عليها أولى.

وأما قولهم: إنه يفضي إلى أن رب المال يفسخ بعد إدراك الثمرة، فقد تقدم ما يدل على الجواب عنه.

° الوجه السابع: ظاهر قوله: (على أن يعتملوها من أموالهم) أنه لا


(١) "فتح الباري" (٥/ ٣٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>