للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والظلم لأحد الطرفين، دون المزارعة التي فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من بعده.

قوله: (وأمر بالمؤاجرة) أي: كراء الأرض بشيء معلوم من الذهب أو الفضة يدفعه مستأجر الأرض لصاحبها.

° الوجه الرابع: الحديث دليل على جواز إجارة الأرض للزراعة، وهذا قول جمهور الفقهاء، بشرط أن تكون الأجرة معلومة، لكن اختلفوا في نوع الأجرة، فذهب الجمهور إلى جواز إجارة الأرض بالذهب والفضة وسائر العروض، لقوله: (فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس) وفي رواية قال رافع: (وأما الورق فلم ينهنا) (١).

وأما إجارتها بالطعام كالبر أو الشعير فله ثلاث حالات:

الأولى: أن يؤجرها بطعام معلوم غير خارج منها، فهذا يجوز على قول الجمهور من الشافعية والحنفية والحنابلة، سواء أكان من جنس ما يخرج منها أم لا، واستدلوا بعموم قوله: (فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به)، ولأن الطعام عوض معلوم مضمون لا يتخذ وسيلة إلى الربا، فجازت إجارتها به كالأثمان.

وذهب الإمام مالك وأصحابه إلى أنه لا يجوز إجارتها بالطعام وإن لم يكن خارجًا منها، واستدلوا بما روى رافع بن خديج، قال: (كنا نحاقل الأرض على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنكريها بالثلث والربع والطعام المسمى، فجاءنا ذات يوم رجل من عمومتي فقال: نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمر كان لنا نافعًا، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا، نهانا أن نحاقل بالأرض فنكريها على الثلث والربع والطعام المسمى، وأمر رب الأرض أن يَزْرَعها، أو يُزْرعها، وكره كراءها وما سوى ذلك) (٢). ولعل هذا محمول على ما إذا كان الطعام خارجًا منها.

الحال الثانية: إجارتها بطعام معلوم من جنس ما يزرع فيها، وهذا فيه قولان:


(١) "صحيح البخاري" (٢٣٢٧)، "صحيح مسلم" (١٥٤٧) (١١٧).
(٢) أخرجه مسلم (١٥٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>