للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتابع شعبة على وقفه الثَّوري، فقال عبد الرزاق في "المصنف" (١٥٠٢٤):) قلت للثوري: أسمعت حمادًا يحدث عن إبراهيم، عن أبي سعيد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من استاجر أجيرًا فليسم له إجاره"، قال: نعم). وحدث به مرة أخرى فلم يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقد نقل ابن أبي حاتم عن أبي زرعة أنَّه قال: (الصحيح موقوف على أبي سعيد؛ لأن الثَّوري أحفظ) (١).

• الوجه الثاني: الحديث دليل على وجوب معرفة قدر الأجرة، وهذا شرط من شروط صحة الإجارة المتفق عليها بين الفقهاء، قال الموفق: (لا نعلم في ذلك خلافًا) (٢). لأن الجهالة بالأجرة يفضي إلى النزاع والخصام بين المؤجر والمستأجر، ولأن الإجارة عقد معاوضة، فوجب أن يكون الأجر معلومًا كالثمن في المبيع.

وقد استدل الإِمام مالك وتبعه البيهقي على وجوب تسمية الأجرة بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر، والإجارة نوع من البيع، والجهالة بالأجرة غرر (٣).

فإذا أجره الدار بألف ريال في الشهر، أو بعشرة أكياس من الرز، أو أجره الدار بدار أخرى يسكنها؛ صح ذلك كله؛ لأن العوض معلوم، ويجوز أن يكون عينًا، ويجوز أن يكون منفعة.

فإن أجره الدار بإصلاح ما انهدم منها لم يصح للجهالة، ولو قال: أجرتك الدار بعشرة آلاف في السنة وإصلاح ما انهدم منها من الأجرة صح؛ لأن الأجرة معلومة.

ويستثنى من شرط معرفة الأجرة ما تعارف عليه الناس من الأجرة، فإنه يجري مجرى التقدير؛ لأن شاهد الحال يقتضيه، والشارع أجرى الشرط


(١) "العلل" (١/ ٣٧٦) رقم (١١١٨).
(٢) "المغني" (٨/ ١٤).
(٣) "الموطأ" (٢/ ٧٠٦)، "السنن الكبرى" (٦/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>