للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الكلأ ليختص بها دونهم، فإن كان الحمى للأموال العامة للأمة كخيل المجاهدين وإبل الصدقة وضوال الناس التي يقوم الإِمام بحفظها، وماشية الضعيف من الناس، فهذا هو الحمى الماذون فيه شرعًا، بشرطه الآتي.

قولي: (إلَّا لله ولرسوله) هذا أسلوب من أساليب القصر، طريقه الاستثناء بعد النفي، يفيد قصر الحمى على الله تعالى وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والمعنى: لا حمى إلَّا ما حُمي لخيل الناس وركابهم المرصدة لجهاد المشركين والحمل عليها في سبيل الله تعالى (١).

وليس لأحد أن يحمي من مراعي الكلأ - التي الناس فيها سواء - حمى تستأثر برعيه ماشيته ودوابه.

وظاهر الحديث أنَّه ليس لأحد أن يحمي للمسلمين إلَّا ما حماه النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والقول الثاني: أن معناه: إلَّا على مثل ما حماه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا هو الأقرب، بدليل أن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - حمى بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذا عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.

قوله: (لا ضرر ولا ضرار) قيل: هما بمعنى واحد، والتكرار للتأكيد، والمشهور أن بينهما فرقًا، فقيل: هما مثل القتل والقتال، فالضرر معناه: أن يضر الرجل أخاه، والضرار: أن يضر كل واحد منهما صاحبه، فالضرر فعل الواحد، والضرار: فعل الاثنين، ويكون التقدير: لا ضرر بأحد، ولا ضرار مع أحد، وهذا قد يبعده ما ورد من جواز انتصار المظلوم ممن ظلمه، كقوله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} [الشورى: ٤١]، وقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] (٢). وقيل الضرر: ما تضر به صاحبك وتنتفع أنت به، والضرار: ما تضر به صاحبك من غير أن تنتفع به، قال ابن عبد البر: (وهذا وجه حسن المعنى في الحديث، والله أعلم) (٣).

• الوجه الثالث: الحديث دليل على أنَّه لا حمى إلَّا لله ولرسوله على وليس لأحد أن يحمي شيئًا من الأرض عن المسلمين فيمنعهم من رعي


(١) "المغني" لابن باطيش (١/ ٤٢٦).
(٢) "سبل السلام" (٥/ ٢٧٩).
(٣) "التمهيد" (٢٠/ ١٥٨)، "جامع العلوم والحكم" حديث (٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>