للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والورق، وايم الله إنهم ليرون أني قد ظلمتهم، إنها لبلادهم، فقاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرًا) (١).

فهذا عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يقول: الولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرًا)، وهذا نص صريح في أن الإِمام لا يحمي لنفسه، ثم هو يوصي غلامه القائم على الحمى ألا يمنع الفقراء إذا جاءوا أن يستفيدوا من الحمى برعي مواشيهم ودوابهم، ولكن يمنع الأغنياء لأنهم لا ضرر عليهم في المنع، فإنه باستطاعتهم أن ينفقوا على مواشيهم ويعلفوها، ولم يرد بذلك منع الأغنياء البتة، وإنَّما أراد أنَّه إذا لم يَسَعِ المرعى إلَّا نعم أحد الفريقين فنعم المقلين أولى، والله المستعان".

• الوجه الخامس: حديث (لا ضرر ولا ضرار) اعتبره العلماء قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة، بل هي من أهم القواعد وأجلها شأنًا، لاندراج قواعد أخرى تحتها، ولإمكان تطبيقها في مختلف المجالات الفقهية، وهذا الحديث وإن كان في سنده ما تقدم لكن عمومات الشريعة من الكتاب والسنة قد جاءت ببيان ما دل عليه وتأييده، قال تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: ٢٣١]، وقال تعالى: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيهِنَّ} [الطلاق: ٦]، وقال تعالى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: ٢٣٣]، وقال تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَينٍ غَيرَ مُضَارٍّ} [النساء: ١٢]، وجاءت النصوص بالنهي عن التعدي على النفوس والأموال والأعراض وعن الغصب والظلم.

فيدخل في هذه القاعدة: التدليس والغش في المعاملات وكتم العيوب فيها، وبيع المسلم على بيع أخيه والشراء على شرائه، وهكذا جميع المعاملات كما يدخل في ذلك: مضارة الشريك لشريكه والجار لجاره والغريم لغريمه، وكذا إضرار الزوج بزوجته، والمضارة في الوصية، وفي الرضاع، ومسائل الضرر في الأحكام كثيرة جدًّا، وما ذُكر تمثيل لا حصر (٢)، والله تعالى أعلم.


(١) "صحيح البخاري" (٣٠٥٩).
(٢) انظر: "الموافقات" (٣/ ١٦)، "جامع العلوم والحكم" حديث (٣٢)، "بهجة قلوب الأبرار" ص (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>