للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والبيهقي (٦/ ١٥٥) من طريق عوف، عن رجل حدثه، عن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حريم البئر أربعون ذراعًا من حواليها، كلها لأعطان الإبل والغنم. . .. "، ورواه البيهقي من طريق مسدد، عن هُشَيم، أخبرنا عوف، حدَّثنا محمد بن سيرين، به، وقد يكون هذا المبهم في الإسناد الأول هو محمد بن سيرين، وقد صوب الدَّارَقُطني روايته بالمبهم (١).

• الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (فله أربعون ذراعًا) إما أن المراد أربعون ذراعًا من الجوانب كلها، فيكون كل جانب عشرة أذرع، لا ينبغي لغيره أن يزاحمه في ذلك.

وقيل: له أربعون من كل جانب، ذكر هذا السندي (٢).

والمراد بذلك البئر التي تحفر في الأرض الموات للتمليك، فلا يملك إلَّا حريم البئر وهو حماها، وما عدا ذلك فهو والناس سواء (٣).

قوله: (عطنًا) العطن: بالتحريك هو موطن الإبل ومبركها حول الحوض، ومربض الغنم حول الماء.

• الوجه الثالث: استدل بهذا الحديث من قال: إن حريم البئر إذا حفرها لسقي ماشيته أربعون ذراعًا، وما عدا ذلك يكون هو والناس فيه سواء. والمراد بحريمها: ما حولها من مرافقها وحقوقها، وهو ما يحتاج إليه لترقية الماء وسقي الماشية، ونحو ذلك من المصالح. قال ابن الأثير: (وسمي به لأنه يحرم منع صاحبه منه، أو لأنه يحرم على غيره التصرف فيه) (٤). وهذا قول الجمهور.

والقول الثاني: أن حريم البئر خمسة وعشرون ذراعًا إن كانت بئرًا جديدة، وخمسون ذراعًا إن كانت بئرًا قديمة أثرية، وهذا قول الإِمام أحمد، واختاره ابن قدامة، والشيخ عبد العزيز بن باز (٥).


(١) "العلل" (١٠/ ٤٦ - ٤٧).
(٢) "شرح سنن ابن ماجة" (٢/ ٩٦).
(٣) "فتاوى ابن إبراهيم" (٨/ ٢٨٦).
(٤) "النهاية" (١/ ٣٧٥).
(٥) "المغني" (٨/ ١٧٩، ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>