للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الوجه الرابع: الحديث دليل على أنَّه يجوز للإمام أو نائبه إقطاع بعض الأراضي الموات لبعض الناس إذا كان في ذلك مصلحة، إذا كانوا يحتاجونها للسكن أو للحرث والزراعة ونحو ذلك.

والإقطاع خاص بالإمام أو نائبه ولا يكون لغيرهما ممن هو دونهما من آحاد الناس؛ لأن الإقطاع يرجع إلى اجتهاد الإِمام والمصلحة العامة.

• الوجه الخامس: ذكر الفقهاء أن لإقطاع الإِمام شرطين:

الأول: ألا يقطع أحدًا من الناس إلَّا ما يمكنه إحياؤه؛ لأن في إقطاع أكثر من ذلك تضييقًا على الناس في حق مشترك بينهم، ولأن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - استرجع من بلال بن الحارث ما عجز عن عمارته من إقطاع العقيق الذي أقطعه النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي.

الثاني: ألا يقطع الإِمام ما لا يجوز إحياؤه، وهو ما قرب من عامر البلد وتعلق بمصالحه، كما تقدم أول الباب؛ لأن هذا في حكم المملوك لأهل العامر، ولأن في إقطاعه تضييقًا على الناس (١)؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع أبيض بن حمال معدن الملح، فلما قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنما قطعت له الماء العِدَّ، انتزعه منه (٢).

• الوجه السادس: اختلف العلماء هل المُقْطَع يملك بمجرد الإقطاع أو لا بد من الإحياء، على قولين:

الأول: أن المقطع لا يملك بالإقطاع، فلا يجوز أن يبيع ما أُقطع، ولكنه يصير أحق به من غيره، كالمتحجر الشارع في الإحياء، وهذا مذهب الشَّافعي وأحمد (٣)، وهو اختيار الشيخ محمد بن إبراهيم (٤).


(١) "المغني" (٨/ ١٦٤، ١٦٥).
(٢) أخرجه أَبو داود (٣٠٦٤)، والتِّرمِذي (١٣٨٠)، وابن ماجة (٢٤٧٥)، وهو حديث حسن بطرقه، و"الماء العِدَّ" بكسر العين وتشديد الدال: هو الدائم الذي لا ينقطع، والعدُّ: المهيأ.
(٣) "المغني" (٨/ ١٥٣)، "المهذب" (١/ ٥٥٧).
(٤) "الفتاوى" (٨/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>