وهذا القدر هو غرض المصنف من إيراد الحديث في باب "الوقف"؛ لأن العلماء فسروا الصدقة الجارية بالوقف.
قوله:(أو علم يُنْتَفَعُ به) هذا قيد يخرج به ما لا يُنْتَفَعُ فيه من العلم؛ كعلم النجوم من حيث أحكام السعادة وضدها، أو من ألف علمًا مفسدًا للدين وللأخلاق.
والمراد بالعلم الذي يُنْتَفَعُ به: العلم الذي علمه الطلبة المستعدين للعلم، والعلم الذي نشره بين الناس عن طريق المحاضرات والمواعظ والفتاوى، والكتب التي ألَّفها في نفع المسلمين، وهي أعظم أثرًا لطول بقائها على مر الزمان.
قوله:(أو ولد صالح يدعو له) الظاهر أن المراد بالصلاح: الاستقامة، وفسَّره ابن علان: بالإسلام (١).
والحديث يشمل ولد الصلب، وولد الابن وولد البنت، وهو شامل للذكر والأنثى، قال تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَينِ}[النساء: ١١] ووصفه بالصلاح ليكون دعاؤه مجابًا، فينتفع والده بدعائه، وحذف مفعول (يدعو) للتعميم؛ أي: يدعو له بالمغفرة، أو بما هو أعم منها، وفائدة تقييده بالولد مع أن دعاء غيره ينفعه: تحريض الولد على الدعاء.
• الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الإنسان ينقطع عنه أجر عمله بعد وفاته؛ لأن الله تعالى جعل الدنيا دار تزود وعمل، يتزود منها العباد من الخير أو الشر للدار الأخرى، وهي دار الجزاء والحساب، فمن مات انقطع عنه عمله، إلَّا من هذه الأشياء الثلاثة، فإنها تبقى ويجري ثوابها بعد الموت، وعن أبي قَتَادة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خير ما يَخْلُفُ الرجلَ من بعده ثلاثٌ: ولد صالح يدعو له، وصدقة بِرٍّ يبلغه أجرها، وعلم يعمل به من