للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعده، (١). وذلك لأن هذه الأشياء من كسب الإنسان، وهي من آثار عمله، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيءٍ أَحْصَينَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (١٢)} [يس: ١٢] وقد ذكر المفسرون أن المراد بقوله: {مَا قَدَّمُوا} ما باشروه من الأعمال الحسنة أو السيئة قبل مماتهم. وقوله: {وَآثَارَهُمْ} أي: ما بقي بعدهم في الدنيا من آثارهم الطيبة؛ كالعلم النافع والصدقة الجارية والسنن الحسنة، أو الآثار السيئة كالعلم المفسد للدين والخلق، والسنن السيئة، والمظالم التي تستمر بعد موتهم، فإن هذه من آثارهم التي أحصيت عليهم، وهي مدونة في كتاب مقتدى به موضّح لكل شيء، وهو اللوح المحفوظ (٢).

وقيل: إن المراد بقوله: {وَآثَارَهُمْ}: خطاهم إلى الطاعة أو المعصية، كما ورد ما يدل على ذلك من السنة.

وقد ذكر ابن كثير أنه لا منافاة بين القولين، وأن القول الثاني فيه تنبيه على القول الأول بطريق الأولى؛ لأنه إذا كانت خطاهم إلى الطاعة أو المعصية تكتب فلأن تكتب تلك التي فيها قدوة بهم من خير أو شر من باب أولى، والله أعلم (٣).

• الوجه الرابع: ورد في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علمًا علَّمه ونشره، وولدًا صالحًا تركه، أو مصحفًا ورَّثه، أو مسجدًا بناه، أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو نهرًا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته" (٤).


(١) أخرجه "ابن ماجه (١/ ٨٨)، وابن حبان (١١/ ٢٦٦)، وقال المنذري: (إسناده صحيح) وهذا فيه نظر، فإن في إسناده فليح بن سليمان، ولم يرد في رواية ابن ماجه، وزاده أبو الحسن القطان ص (٣٥)، وساقه ابن حبان أول الكتاب (١/ ٢٩٥) ولم يذكر فيه فُليحًا، وفليح أخرج له الشيخان، لكن قال عنه في "التقريب": (صدوق كثير الخطأ)، وقد ذكر الدارقطني في "العلل" (٦/ ١٤٠) الاختلاف على زيد بن أبي أُنيسة في ذكر فليح، وصوب ذكره.
(٢) انظر: "تفسير ابن كثير" (٦/ ٥٥٣).
(٣) "تفسير ابن كثير" (١/ ٥٥٦)، "تفسير ابن سعدي" ص (٦٩٣).
(٤) أخرجه ابن ماجه (١/ ٨٨)، وحسنه المنذري في "الترغيب والترهيب" (١/ ٩٩)، وذكر=

<<  <  ج: ص:  >  >>