للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢]، وحديث أبي طلحة في بيرحاء شهير في ذلك، وتقدمت الإشارة إليه.

• الوجه السادس: الحديث دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يستشير غيره من ذوي الفضل، وهم أهل الدين والعلم ولو في أمور القرب والطاعة (١)، وأن يأخذ برأيهم ويأتمر بأمرهم، ولا يعد هذا من إظهار العمل للرياء والسمعة؛ لما يترتب على المشاورة من المصالح العظيمة، ولا ينبغي للإنسان أن يستبدَّ مهما كان عليه من العلم والعقل، قال تعالى: {وَشَاورْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩].

• الوجه السابع: أن الواجب على المستشار أن ينصح بما يراه الأفضل فالدين النصيحة، ويستفاد من ذلك أن على العلماء والقضاة وكُتّاب العدل ممن يتولون كتابات وثائق الناس وأوقافهم ووصاياهم أن يبينوا لهم ما يوافق الشرع وما يخالفه، ويشيروا عليهم بما فيه المصلحة.

• الوجه الثامن: في الحديث دليل على تفسير الوقف وبيان حقيقته، حيث قال: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها"، وهذا أحسن تعريف للوقف، فإنه تعريف جامع مانع، يؤدي المعنى المراد بأوضح عبارة، وتقدم شرحه أول الباب.

• الوجه التاسع: الحديث دليل على أن لفظ (التحبيس) صريح في الوقف، فلا يحتاج إلى أمر زائد من نية أو قرينة أو فعل، ومثله: وقَفْتُ، وسَبَّلتُ، أما لفظ: تصدقت فهو كناية تحتاج إلى ما يدل على الوقف، كأن يقول: هذا البيت أو هذه الدكاكين صدقة موقوفة أو محبَّسة أو مسبلة، أو صدقة لا تباع ولا تورث، ونحو ذلك.

• الوجه العاشر: أن الوقف خاص بالعين التي تبقى مع الانتفاع بها كالدور والمساجد والمكتبات، ونحو ذلك، أما ما يذهب بالانتفاع به كالطعام فهو صدقة، كما تقدم.


(١) "المفهم" (٤/ ٥٩٩ - ٦٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>