للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه فَيأكله وعند أبي داود والنسائي: "مثل الذي يسترد ما وهب كمثل الكلب يقيء فيأكل قيئه" (١).

والغرض من هذا التشبيه: تقبيح حال المشبه -وهو العائد في هبته- والتنفير منه، بتصويره للسامع بصورة قبيحة، وذلك بإلحاقه بمشبه به تستقذره النفس وتنفر منه.

قوله: (ليس لنا مثل السوء) أي: لا ينبغي لنا معشر المؤمنين أن نتصف بصفة ذميمة شابهنا فيها أخس الحيوانات في أخس أحواله. قال تعالى: {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل: ٦٠] والمثل: بمعنى الصفة.

والسوء: بفتح السين بمعنى السُّوأى، وبضم السين مقصورًا كطوبى؛ أي: الصفة القبيحة، فهو من إضافة الموصوف لصفته.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم العودة في الهبة؛ لأن هذا من لؤم الطبع والدناءة، إذ إن الرجوع دليل على تعلق قلب الواهب بما وهب، وأنه لم يُعْطِ ذلك من نفس سمحة.

ووجه الدلالة: أنه عُرِفَ من الشرع أن مثل هذا الأسلوب يراد به الزجر الشديد والتنفير من الفعل. قال ابن دقيق العيد: (وقد ورد التشديد في التشبيه من وجهين:

أحدهما: تشبيه الراجع بالكلب.

الثاني: تشبيه الرجوع فيه بالقيء) (٢).

• الوجه الرابع: اختلف العلماء في حكم الرجوع في الهبة على قولين:

الأول: تحريم الرجوع في الهبة، وهذا مذهب جماهير أهل العلم، لهذا الحديث، كما تقدم، واستثنوا هبة الوالد لولده جمعًا بين هذا الحديث وحديث النعمان المتقدم، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.


(١) "سنن أبي داود" (٣٥٤٠)،، سنن النسائي" (٦/ ٢٦٦).
(٢) "إحكام الأحكام" (٤/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>