للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال جمع من المحققين: إن هذه اللفظة موقوفة على عروة، بدليل قول هشام في اخره: (وقال أبي: ثم توضأ لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت)، فإن هذا ظاهر في الوقف، لأن هشاماً لم يرو الحديث عن غير أبيه، فيكون غرضه من هذا تمييز المرفوع من الموقوف، ومجيء هذه الزيادة موصولة بالإسناد المذكور أول الحديث هو من الاختلاف على أبي معاوية، فإنه قد اضطرب في روايتها، وقد قال عنه الإمام أحمد: (في غير حديث الأعمش مضطرب، لا يحفظها حفظاً جيداً) (١).

وأخرج الحديث مسلم من طريق حماد بن زيد، عن هشام، وقال: (وفي حديث حماد حرف تركنا ذكره) ومراده بالحرف الزيادة المذكورة عند البخاري.

وكأن مسلماً حذفها لتفرد حماد بن زيد بها، يؤيد ذلك قول النسائي: (قد روى هذا الحديث غير واحد عن هشام بن عروة، ولم يذكر فيه «وتوضئي» غير حماد، والله تعالى أعلم) (٢)، وقال البيهقي (١/ ٣٢٧): (وفيه زيادة الوضوء لكل صلاة، وليست بمحفوظة).

وهذا التعليل من النسائي لهذا الحرف في رواية حماد بن زيد ليس بجيد - كما يقول الحافظ ابن حجر (٣) ـ لأن أبا معاوية تابعه عليه، كما تقدم عند البخاري والترمذي، وأيضاً فقد تابعهما عليه حماد بن سلمة، فرواه الدارمي من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، وقال فيه: «فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرُها فاغسلي عنك الدم وتوضئي وصلي»، قال هشام: فكان أبي يقول: (تغتسل غسل الأول، ثم ما يكون بعد ذلك فإنها تَطَهّرُ وتصلي) (٤)، لكن هذا ليس فيه إلا الأمر بالوضوء عقب غسل الدم لا لكل صلاة، وقد رواه ابن عبد البر في «التمهيد» (٢٢/ ١٠٤) من طريق عفان عن حماد وليس فيه (وتوضئي) وعفان من أثبت أصحاب حماد فهو مقدم على غيره.

وأيضاً فقد تابعهم أبو حمزة محمد بن ميمون السكري، عن هشام بن


(١) "العلل" (١/ ٣٧٨).
(٢) "سنن النسائي" (١/ ١٨٦).
(٣) انظر: "فتح الباري" (١/ ٤٠٩).
(٤) "سنن الدارمي" (١/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>