للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوحشي، وقال: "أما إنَّا لم نرده عليك إلا أنَّا حُرُمٌ" (١)، وذلك لأنه لا يجوز للمحرم أن يصيد في نسكه، مع أن الصيد مباح في الأصل. قال ابن بطال: (وفيه أنه لا يجوز قبول ما لا يحل من الهدية؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما رده عليه لأنه لا يحل له قتل الصيد وهو محرم، وكان الحمار حيًّا، فدلَّ هذا أن المهدي إذا كان معروفًا بكسب الحرام أو بالغصب أو الظلم، فإنه لا يجوز قبول هديته) (٢). ولعل مراده إذا كان كل ماله حرامًا، وإلا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل من المرأة اليهودية لما أهدت له الشاة (٣).

وكذا لو علم المهدي له أن المهدي قصد بهديته أن يحصل على أكثر منها، وإن لم يُعْطَ أكثر منها فإنه يتسخط، فللمهدى له أن يتوقف في قبول هذه الهدية.

وفائدة معرفة هذه الموانع بيانها للمهدي، لأجل أن يقتنع ولا يحزن إذا ردت هديته وبُيِّنَ له سبب الرد، مع أنه ينبغي لمن رَدَّ الهدية لسبب شرعي ألا يبخل على المهدي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان الحق، وألا يحمله تقديم الهدية إليه على أن يسكت أو يداهن إذا كان المهدي وقع في أمر محظور؛ لأن في الإنكار إبراء الذمة واستفادة المهدي، لئلا يقع فيما وقع فيه مرة أخرى، والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه البخاري (٢٥٧٣)، ومسلم (١١٩٣). وتقدم في "الحج".
(٢) "شرح ابن بطال" (٧/ ٩٠).
(٣) أخرجه البخاري (٢٦١٧)، ومسلم (٢١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>