قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن أتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا، فادعوا له حتى يعلم أن قد كافأتموه"(١).
وظاهر قوله:"فادعوا له" أنه يدعوفي وجهه أو عند تقديم الهدية، ولأن هذا أبلغ في مكافأته، ويجوز أن يدعو له بظهر الغيب.
• الوجه السادس: الحديث دليل على أنه لا حرج على من أثيب على هديته وأُعطي عليها مكافأة أن يقبل هذه المكافأة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يثيب على الهدية، والإثابة دليل على جواز قبولها.
• الوجه السابع: ذكر العلماء بعض الموانع من قبول الهدية، وهي مأخوذة من عمومات الشريعة، ومنها ما يلي:
١ - أن تكون الهدية محرمة لذاتها، كما لو أهدى له آلة لهو أو أهدى كتابًا فاسدًا أو أشرطة فاسدة، أو نحو ذلك، لعموم قوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢].
٢ - أن تكون الهدية حقًّا للغير، كالمغصوب والمسروق ونحوهما، فإن كان المهدي إليه يعلم ذلك حرم عليه قبولها، لما فيه من الإقرار على التعدي على أموال الناس.
٣ - أن يترتب على قبولها محذور شرعي؛ كالهدية للقاضي، أو الموظف، إذا كان يترتب على قبولها إحقاق باطل، أو إبطال حق، ومثله هدية الطالب للمدرس باعتباره مدرسًا.
٤ - ومن موانع قبول الهدية: أن يحصل عند المهدي له أمر عارض يمنع من قبولها، كما رد النبي - صلى الله عليه وسلم - هدية الصعب بن جثامة - رضي الله عنه - لما أهدى الحمار
(١) أخرجه أبو داود (٥١٠٩)، والنسائي (٥/ ٨٢)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٢١٦)، وأحمد (٩/ ٢٦٦)، والحاكم (١/ ٤١٢) وقال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين) وسكت عنه الذهبي، وسيأتي شرحه في كتاب "الجامع" إن شاء الله تعالى.