جريج، عن عطاء، عن جابر - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُرقبوا" … الحديث.
والظاهر -والله أعلم- أن الحافظ قصد بهذه الروايات بعد اللفظ الأول الذي هو بمثابة القاعدة، بيان أن الرواية الأولى مطلقة، والثانية مقيِّدة لهذا الإطلاق، والرواية الثالثة فيها النهي عن العمرى والرقبى.
• الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:
قوله:(العمرى) بضم العين وسكون الميم، وحكي ضمها، وحكي فتح العين وسكون الميم، مأخوذ من العمر.
واصطلاحًا: أن يعطي الإنسان غيره دارًا -مثلًا- ويقول له: أعمرتك إياها؛ أي: أبحتها لك مدة عمرك. فالعمرى نوع من الهبة؛ لأنها توهب مدة عمر الموهوب له.
قوله:(أمسكوا أموالكم ولا تفسدوها) هذا الأمر والنهي يراد به الإرشاد إلى الأصلح في حفظ أموالهم؛ لأن الإعمار يمنع المالك من التصرف فيما يملِّك رقبته آمادًا طويلة، لا سيما مع التأبيد.
ولا يصح حمله على التحريم لصحة الأحاديث المصرحة بالجواز، ولأن العمرى من أبواب البر والمعروف.
قوله:(فإنه من أعْمَر عمرى) أي: قال لغيره -مثلًا-: أعمرتك هذه الدار، وهذا مطلق، لكنه مقيد بالرواية التي بعدها التي ذكر فيها العَقِبُ، لا سيما والراوي واحد، والقضية واحدة، فيحمل المطلق على المقيد، كما هو مقرر في الأصول.
قوله:(ولعقبه) بفتح العين وسكون القاف: ذرية الإنسان ونسله وورثته الذين يأتون من بعده.
قوله:(إنما العمرى التي أجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: أمضى جوازها على صفة الدوام، كما تقدم.
قوله:(لا تُرقبوا) بضم التاء من أرقب الرباعي، يقال: أرقبه الدار: