للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (لا تحقرن) بالحاء المهملة ساكنة وكسر القاف، من باب (ضرب) يقال: حقُر الشيء -بالضم- حقارة: هان قدره فلا يُعبأ به فهو حقير (١).

قوله: (جارة) مؤنث الجار، والمراد بجارتها: من تجاورها في بيت آخر من بيوت جيرانها، ويطلق على الضرة جارة تطهيرًا لها من الضرر.

قوله: (لجارتها) الظاهر أن الجار والمجرور متعلق بمحذوف يفهم من السياق، تقديره: لا تحقرن جارة هدية مهداة لجارتها، وهذا النهي موجه للمهدية، بألا تستحقر ما تهديه بحيث يؤدي ذلك إلى ترك الإهداء، وموجه للمهداة إليها، فلا تستحقر ما يهدى إليها، ولو كان حقيرًا.

قوله: (ولو فِرْسِنَ شاة) لو: للتقليل، وفرسن: خبر لكان المحذوفة مع اسمها، والفرسن: بكسر الفاء والسين المهملة بينهما راء ساكنة وآخره نون، هو ظلف الشاة، وهو عُظيم قليل اللحم، وهو للبعير موضع الحافر للفرس، ويطلق على الشاة مجازًا.

وذكره من باب المبالغة في إهداء الشيء اليسير وقبوله، وليس المراد حقيقة الفرسن؛ لأنه لم تجر العادة بإهدائه.

* الوجه الثالث: دل الحديث على استحباب التهادي بين الجيران؛ لأن الجيران قد يقع بينهم شيء من الأذى والوحشة بسبب الصبيان أو حالات الجوار، والإهداء من أسباب الألفة والتقارب وإزالة الوحشة كما تقدم.

قال ابن عبد البر: (في هذا الحديث الحض على الصلة والهدية بقليل الشيء وكثيره، وفي ذلك دليل على بر الجار وحفظه؛ لأن من نُدبتَ إلى أن تهدي إليه وتصله فقد مُنعتَ من أذاه وأمرت ببره) (٢).

* الوجه الرابع: الحديث دليل على مشروعية قبول الهدية ولو قلّت لما في قبول القليل من استجلاب المودة وإذهاب الشحناء، والهدية إذا كانت يسيرة أدلُّ على المودة وأسهل على المهدي لاطراح التكلف.


(١) "المصباح" ص (١٤٣).
(٢) "التمهيد" (٤/ ٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>