للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا ينبغي للمهدى إليه أن يستقل الهدية، فإن العدم أقل من ذلك، وقد يكون استقلالها سببًا في قطعها، وإذا تواصل القليل صار كثيرًا، ويكفي أن صاحب الهدية قد ذكرك وصرت على باله فأهدى إليك.

ثم إن قبول الهدية ولو قَلَّتْ فيه دليل على التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قال: "لو أُهدي إلي ذراع أو كُراع لقبلت" (١). كما أن فيه دليلًا على قناعة الإنسان وعدم احتقاره الشيء القليل الذي يأتي من غيره، وفيه دليل -أيضًا- على رفع الكلفة بين الناس؛ لأن القليل قد يثقل كاهل المهدي، ولا يتيسر له الكثير في كل وقت.

* الوجه الخامس: أنه لا ينبغي للمسلم أن يمتنع عن الإهداء بسبب استصغار ما في يده، وهذه الصفة تظهر عند النساء بكثرة، فعلى المسلم أن يعود أهله على الإهداء ولو كان قليلًا.

* الوجه السادس: إذا كانت المرأة هي المسؤولة في البيت وهي صاحبة المال فلا إشكال في نوع أو قدر الهدية التي تقدمها للجيران؛ لأن المال مالها، فإن كان فوقها أحد من أب أو زوج فإنها لا تهدي إلا ما جرت العادة بإهدائه؛ كقليل الطعام أو الفاكهة أو التمر ونحو ذلك، ولا يحتاج ذلك إلى استئذان، إلا أن يمنعها من ذلك، أو تعلم منه الشح فلا يجوز إلا بإذنه.

* الوجه السابع: الحديث دليل على جواز المبالغة في الكلام إذا ناسب مقتضى الحال، ووجه ذلك أنه لم تجر العادة بإهداء فرسن الشاة -كما تقدم- ولكنه ذكر على سبيل المبالغة في الحث على إهداء الشيء اليسير وقبوله وعدم رده، والله تعالى أعلم.


(١) تقدم تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>