للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يد أمانة في أثناء حول التعريف، والأمين لا ضمان عليه، وإن ضاعت بعد حول التعريف فعليه الغرامة؛ لأنها صارت دينًا عليه؛ لكونها دخلت في ملكه وتلفت من ماله، والقول الثاني: أنه لا يضمن (١).

* الوجه السابع: الحديث دليل على أنه إذا جاء رب اللقطة وأخبر الملتقط بعلامتها دفعها إليه، وهذه فائدة معرفة العفاص والوكاء، كما تقدم، ولا يحتاج في ذلك إلى بينة من شهود أو يمين؛ لأن وصفها هو بينتها، هذا هو ظاهر الحديث، وهذا هو الراجح من قولي أهل العلم؛ لأنه لو كانت إقامة البينة شرطًا في الدفع لما كان لذكر العفاص والوكاء والعدد معنى، فإنه يستحقها بالبينة على كل حال، ولما جاز سكوت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، والمقام مقام بيان.

وقد جاء في إحدى الروايات: (فإن جاء ربها فأدها إليه) (٢). ولم يذكر بينة، إلا ما يفهم من قوله: "اعرف وكاءها وعفاصها" وقد جاء في حديث أُبي بن كعب: "احفظ وعاءها وعددها ووكاءها" (٣). وهذا فيه دليل على جواز حَلِّ وكائها لمعرفة العدد، وقد أخذ بهذا بعض أهل العلم، فقال: لا بد من معرفة المدعي جميع الأوصاف، وهي الوكاء والوعاء والعدد.

وقال آخرون: لا يشترط ذكر العدد؛ لأنه لم يرد في حديث زيد بن خالد، والأول أقرب؛ لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ (٤)، ولا سيما إذا كانت اللقطة من المعدودات؛ كالدراهم ونحوها.

ولا يعارض هذا حديث "البينة على المدعي"؛ لأن البينة ليست مقصورة على الشهود، بل هي عامة لكل ما يتبين به الحق، ومنها وصف العفاص والوكاء، فإن وصفها اثنان أقرع بينهما، فمن قَرَعَ كانت له.


(١) "أعلام الحديث" (١/ ٢٠٣)، "المغني" (٨/ ٣١٣).
(٢) "صحيح البخاري" (٢٤٣٦).
(٣) "صحيح البخاري" (٢٤٢٦)، "صحيح مسلم" (١٧٢٣).
(٤) انظر: "المفهم" (٥/ ١٨٢ - ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>