للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

* الوجه الثامن: الحديث دليل على أنه إذا لم يجد صاحبها في مدة العام فإنه يتصرف فيها، سواء كان غنيًّا أم فقيرًا، لقوله: "فإن جاء صاحبها، وإلا فشأنك بها"، فإن جاء صاحبها بعد ذلك، فالجمهور على وجوب ردها إليه إن كانت موجودة، أو عوضها مثلها إن كانت مثلية، أو قيمتها إن كانت متقومة، قال الموفق: (لا أعلم في هذا خلافًا) (١). وتدل على ذلك رواية: "فإن لم تعرف، فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يومًا من الدهر فادفعها إليه" (٢) .. والمراد: أنه لا ينقطع حق صاحبها بالكلية، وخالفت الظاهرية في ذلك، وسيأتي -إن شاء الله- دليلهم عند حديث عياض بن حمار - رضي الله عنه -.

والمراد بكونها وديعة: أنه يجب ردها، لا أنها وديعة حقيقية يجب أن تبقى عينها كسائر الودائع؛ لأن المأذون في إنفاقه لا تبقى عينه، ومن القواعد الفقهية: (إذا تعذر معرفة من له الحق جعل كالمعدوم)، فاللقطة إذا تعذر معرفة صاحبها بعد التعريف المعتبر شرعًا، فهي لواجدها.

* الوجه التاسع: الحديث دليل على جواز التقاط ضالة الغنم وجواز أكلها، لقوله: "هي لك أو لأخيك، أو للذئب"، قال ابن عبد البر: (أجمعوا على أن آخذ ضالة الغنم في الموضع المخوف عليها له أكلها) (٣).

فإن جاء صاحبها لزمته غرامتها عند الجمهور؛ لأنهم أجمعوا على أنه لو جاء صاحبها قبل أن يأكلها الملتقط لأخذها، فدل على أنها باقية على ملك صاحبها.

وقال مالك: لا يضمن، واحتج بالتسوية بين الملتقط والذئب، والذئب لا غرامة عليه، فكذلك الملتقط، ولم يوافق مالكًا أحد من العلماء على قوله.

قال ابن عبد البر: (الوجه تضمين آكلها إن شاء الله). اهـ (٤). وذلك لأن (اللام) ليست للتمليك؛ لأن الذئب لا يملك، وإنما يملكها الملتقط على شرط


(١) "المغني" (٨/ ٣١٣).
(٢) "صحيح البخاري" (٢٤٢٨)، "صحيح مسلم" (١٧٢٢) (٥) واللفظ له.
(٣) "التمهيد" (٣/ ١٠٨).
(٤) "التمهيد" (٣/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>