للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنهم من قال: إن الحديث مطلق في مكة أو غيرها كالمشاعر، قال الشيخ عبد العزيز بن باز: (وتقييده بالحرم محل نظر، والأولى إطلاقه كما أطلقه النبي - صلى الله عليه وسلم -).

وعلى هذا فهناك فرق بين لقطة مكة الواردة في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد" وبين لقطة الحاج الواردة في هذا الحديث، وهو أن لقطة الحاج تكون في أيام الحج وفي أمكنة تجمع الحجاج وازدحامهم، سواء في مكة أو غيرها؛ كعرفات وطرق الحجاج القريبة من الحرم والمشاعر، أما لقطة مكة فهي عامة في جميع السنة، ومختصة بمكة دون غيرها.

ولعل وجه النهي عن لقطة الحاج أن ملتقطها ييأس من وجود صاحبها، وصاحبها ييأس من وجودها، لتفرق الخلق إلى الآفاق البعيدة، فربما دَاخَلَ الملتقطُ الطمعَ في تملكها من أول وهلة، فلا يعرفها، فنهى الشارع عن ذلك.

* الوجه الرابع: اختلف العلماء في لقطة مكة على قولين:

القول الأول: أن لقطة مكة تختلف عن غيرها، فهي لا تحل إلا لمن يريد أن يحفظها لصاحبها وأن يعرفها أبدًا من غير توقيت بسنة، وهذا قول الشافعية في الصحيح من المذهب، وأحمد في رواية عنه، وبعض المالكية؛ كالباجي وابن العربي وابن رشد والقرطبي (١)، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم (٢).

واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - في مكة كما في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: "ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد" أي: لا تحل إلا لمن يريد أن يعرفها فقط، فأما من أراد أن يعرفها ثم يمتلكها فلا، إذ لو كانت تملك بعد التعريف لم يكن لتخصيص مكة بذلك فائدة أصلًا (٣).


(١) "المهذب" (١/ ٤٣٦)، "المنتقى" (٦/ ١٣٨)، "بداية المجتهد" (٤/ ١١٤)، "المغني" (٨/ ٣٠٥)، "المفهم" (٣/ ٤٧٢).
(٢) "الاختيارات": ص (١٦٩)، "زاد المعاد" (٣/ ٤٥٣ - ٤٥٤).
(٣) "زاد المعاد" (٣/ ٤٥٣)، "فتح الباري" (٥/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>