للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروي عن معاذ بن جبل وسعيد بن المسيب توريثه (١)، واحتجا بحديث "الإسلام يعلو ولا يعلى" وفي لفظ: "الإسلام يزيد ولا ينقص" (٢).

والصواب الأول؛ لأن هذا الحديث ليس فيه دليل على المدعى؛ لأنه ورد في عموم فضل الإسلام، ولم يتعرض للميراث، وحديث الباب نص واضح في هذه المسألة، ولعله لم يبلغ معاذًا وسعيدًا، والله أعلم.

* الوجه الرابع: ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أنه لا توارث بين المسلم والكافر ولو بالولاء؛ لعموم حديث الباب، وهو مذهب الأئمة الثلاثة ورواية عن أحمد.

وذهب الإمام أحمد في المشهور عنه إلى استثناء التوارث بالولاء من هذا الحديث، وأنه لا يمنعه اختلاف الدين، فيرث المولى ممن له عليه ولاية وإن كان مخالفًا له في الدين، ودليل ذلك حديث جابر - رضي الله عنه - مرفوعًا: "لا يرث المسلم النصراني إلا أن يكون عبده أو أمته" (٣).

والصواب قول الجمهور، وأنه لا يستثنى شيء؛ لعموم الحديث، وليس هناك دليل صحيح على استثناء هذه الصورة، فيبقى الحديث على عمومه.

وأما حديث جابر فهو ضعيف، وعلى فرض صحته فمعناه: أن ما بيد العبد إذا مات يكون لسيده، كما في حال الحياة، لا أن المراد به الإرث من العتيق؛ لأنه سماه عبدًا، والعبد لا ملك له وما بيده لسيده، ثم إنه إذا كان لا


(١) "فتح الباري" (١٢/ ٥٠).
(٢) هذا الحديث رواه عدد من الصحابة -رضي الله عنهم-، ومنها حديث عائذ بن عمرو، ومعاذ بن جبل، وأسانيده لا تخلو من مقال، وقد ذكرها الألباني في "الإرواء" (٥/ ١٠٦ - ١٠٩) ثم قال: (وجملة القول إن الحديث حسن مرفوعًا بمجموع طريق عائذ ومعاذ، وصحيح موقوفًا، والله أعلم).
(٣) أخرجه الدارقطني (٤/ ٧٥)، والحاكم (٤/ ٣٤٥) والبيهقي (٦/ ٢١٨) من طريق محمد بن عمرو اليافعي، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه - به، وهذا سند ضعيف، اليافعي قال عنه في "التقريب": (صدوق له أوهام)، وأبو الزبير وصفه النسائي بالتدليس، وقد عنعنه، ورجح الدارقطني في "العلل" (١٣/ ٣٥١) وقفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>