للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والجمع بين هذه الروايات أن علياً أمر المقداد أن يسأل فسأل، وأما نسبة السؤال إلى عمار فهي محمولة على المجاز لكون عليٍّ قصده، لكن تولى المقداد الخطاب دونه، وأما نسبة السؤال إلى عليّ فإما أن يحمل على أن علياً أمر المقداد أن يسأل ثم سأل بنفسه (١)، أو هو محمول على المجاز بأن بعض الرواة أطلق عليه أنه سأل لكونه الآمر بذلك، ويؤيده أنه استحيى أن يسأل لمكان فاطمة، فهذا قد يضعف القول بأنه سأل بنفسه، والله أعلم.

قوله: (فقال: فيه الوضوء) في رواية مسلم: «منه الوضوء» كما تقدم، وهذا اللفظ الذي أورده الحافظ لم يرد فيه ذكر غسل الذكر، وهو في الصحيحين.

ولعل الحافظ اقتصر على ما يتعلق بالوضوء، لكون الكلام في نواقض الوضوء، وأما غسل الذكر فيتعلق بإزالة النجاسة، فلم ير إيراد اللفظ الدال عليه، والله أعلم.

الوجه الثالث: الحديث دليل على جواز التوكيل في السؤال والاستنابة في الاستفتاء، للعذر كالحياء ونحوه، سواء أكان المستفتي حاضراً أم غائباً، وقد ترجم البخاري على هذا الحديث - كما تقدم - بقوله: (باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال).

ويشترط أن يكون الوكيل موثوقاً في فهمه وحفظه ودينه، لأجل أن ينقل السؤال ويفهم الجواب، كما ينبغي.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أنه يقبل خبر الواحد في المسائل العلمية والرواية إذا كان المخبر ثقة.

الوجه الخامس: أن من الأدب وحسن المعاشرة مع الأصهار أن لا يذكر الزوج ما يتعلق بأسباب الجماع ومقدماته والاستمتاع بالزوجة مع حضرة أبيها أو أخيها أو ابنها أو غيرهم من أقاربها، مع كون السؤال في الحديث عن حكم شرعي، فكيف إذا ذكر ذلك لغير حاجة؟.


(١) انظر: "صحيح ابن حبان" (٣/ ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>