للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه السادس: الحديث دليل على نجاسة المذي، لكونه أمره بغسل ذكره، وأمره بالوضوء، فدل هذا على أن حكم المذي كحكم البول في النجاسة، وعلى الصحيح من قولي أهل العلم أنه يعفى عن يسير المذي، وهو رواية عن الإمام أحمد ذكرها صاحب «الإنصاف» ثم قال: (قلت: وهو الصواب خصوصاً في حق الشباب) (١)؛ لأن هذه نجاسة يشق الاحتراز منها، لكثرة ما يصيب ثياب الشباب العُزّاب (٢)، فهي أولى بالتخفيف من بول الغلام، ومن أسفل الخف.

الوجه السابع: أن المذي ناقض للوضوء، فيتوضأ منه لقوله: (اغسل ذكرك وتوضأ) ولا يوجب الغسل بالإجماع، كما حكاه ابن عبد البر (٣)، ونقله ابن قدامة عن ابن المنذر (٤).

وفي حديث عبد الله بن سعد الأنصاري قال: (سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عما يوجب الغسل وعن الماء يكون بعد الماء، فقال: «ذاك المذي، وكل فحل يمذي، فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك وتوضأ وضوءك للصلاة» (٥).

فإن كان المذي سَلسَاً لا ينقطع فحكمه حكم سلس البول، فإذا دخل وقت الصلاة غسل فرجه وتلجم بشيء حتى لا تتعدى نجاسة المذي إلى ملابسه وبدنه، ثم توضأ وصلى، ولا يضره ما خرج بعد ذلك لكونه بغير اختياره إلحاقاً له بحكم المستحاضة، كما تقدم.

وقد جاء في رواية البخاري: «توضأ واغسل ذكرك» (٦) وظاهره أن الأمر بالوضوء مقدّم على غسل الذكر، وقد وقع في «عمدة الأحكام»: «اغسل ذكرك وتوضأ» (٧) والواو لا تقتضي الترتيب، ولأن لفظ مسلم «يغسل ذكره


(١) "الإنصاف" (١/ ٣٣٠). وانظر: "شرح العمدة لابن تيمية" (١/ ١٠٤).
(٢) انظر: "المعجم الوسيط" (٢/ ٥٩٨).
(٣) "التمهيد" (٢١/ ٢٠٧).
(٤) "المغني" (١/ ٢٣٠).
(٥) أخرجه أبو داود (٢١١)، وضعفه الحافظ في "التلخيص" (١/ ١٢٩).
(٦) "صحيح البخاري" (٢٦٩).
(٧) "عمدة الأحكام مع شرح ابن الملقن" (١/ ٦٣٢)، وانظر: "فتح الباري" (١/ ٣٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>