للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويتوضأ» (١)، بيَّن المراد، والأنسب تقديم غسله على الوضوء.

الوجه الثامن: أن الواجب في المذي غسل الذكر كلّه ما أصابه المذي وما لم يصبه، لقوله: «اغسل ذكرك» وهذا أمر، والأمر للوجوب، وهذا قول مالك، ورواية عن أحمد (٢).

والقول الثاني: أنه يغسل جميع الذكر والأُنثيين، وهو المشهور من مذهب الحنابلة (٣)، لرواية: «يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ» وفي حديث عبد الله بن سعد: «فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك وتتوضأ»، لكن لفظة (وأنثييه) لم تثبت في حديث علي رضي الله عنه (٤).

والقول الثالث: أنه يُكتفى بغسل رأس الذكر، أو الموضع الذي أصابته النجاسة منه، وهو قول جمهور الفقهاء من الشافعية، والحنفية، ورواية عن أحمد (٥)، إلحاقاً له بسائر النجاسات، فهو حدث من الأحداث، فلا يغسل منه إلا المخرج، كما في البول والغائط، ولأن الأحاديث لم تذكر فيه إلا الوضوء.

والقول الثاني أوفق لظاهر الحديث، فإن عموم اللفظ في قوله: «يغسل ذكره» يوجب غسل الذكر كله ما أصابه المذي وما لم يصبه، إضافة إلى غسل الأُنثيين، لما تقدم، فلما ثبت ذلك بدليل صحيح تعين الأخذ به، وهو ظاهر اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (٦) ورجحه الشيخ عبد العزيز بن باز.

والحكمة من الأمر بغسل الذكر والأنثيين - عند من يقول بغسلهما - أن المذي فيه لزوجة، فربما انتشر على الذكر والأنثيين ولم يشعر به الإنسان، قاله الخطابي (٧)، وقيل: إن ذلك يخفف المذي أو يقطعه، ولا سيما إذا كان غسله بالماء البارد، فإنه من أسباب قطعه وعدم استمرار خروجه.


(١) "صحيح مسلم" (٣٠٣).
(٢) "حاشية الدسوقي" (١/ ١١٢)، "الإنصاف" (١/ ٣٣٠).
(٣) "الفروع" (١/ ٢٤٧ - ٢٤٨)، "الإنصاف" (١/ ٣٣٠).
(٤) "مسائل الامام أحمد" لأبي داود ص (١٠٦).
(٥) "مغني المحتاج" (١/ ٧٩)، "شرح فتح القدير" (١/ ٧٢)، "الفروع" (١/ ٢٤٧ - ٢٤٨).
(٦) "شرح العمدة" (١/ ١٠٢).
(٧) "معالم السنن" (١/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>