للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما لفظ البخاري: «توضأ وانضح فرجك» فالمراد به الغَسْل، فإن النضح يكون غسلاً ويكون رشاً، وقد تقدم في أحد ألفاظ البخاري: «اغسل ذكرك»، فيكون المراد بالنضح هنا الغسل.

وقد طعن الحفاظ في رواية أحمد وأبي داود من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن علي رضي الله عنه؛ لأنها مرسلة، حيث لم يسمع عروة من علي رضي الله عنه، كما قاله أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان (١).

لكن أخرجه أبو عوانة من طريق عَبيدة السلماني، عن علي رضي الله عنه بهذه الزيادة «يغسل ذكره وأُنثييه» (٢)، قال الحافظ: (وإسناده لا مطعن فيه) (٣)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإن قيل: يرويه هشام بن عروة عن أبيه عن علي، وهو لم يدركه؟ قلنا: مُرْسِلُهُ أحد أجلاء الفقهاء السبعة، رواه ليبين الحكم المذكور فيه، وهذا من أقوى المراسيل) (٤).

الوجه التاسع: الحديث دليل على تعين الماء في إزالة المذي دون الاستجمار بالأحجار ونحوها؛ لأنه عين له الغسل، والمعين لا يقع الامتثال إلا به، ولا يصح إلحاقه بالبول؛ لأن الشرع أمره بغسل ذكره وأُنثييه، فدل على أنه حكم يخص المذي دون البول؛ لأن البول لا يغسل منه إلا ما أصاب المحل، ولأن الآثار كلها على اختلاف ألفاظها وأسانيدها ليس في شيء منها ذكر الاستجمار بالأحجار، فدل على أنها لا تكون إلا في البول والغائط (٥).

الوجه العاشر: اختلف العلماء في المذي يصيب الثوب على قولين:

الأول: أنه لا يجزئ فيه إلا الغَسْل، وهو قول الحنفية، والمالكية، والشافعية، وقول في مذهب الحنابلة (٦)، أخذاً بأحاديث غسله.


(١) "المراسيل" ص (١٤٩)، "العلل" (١/ ٥٤)، "جامع التحصيل" ص (٢٣٦).
(٢) "مسند أبي عوانة" (١/ ٢٧٣).
(٣) "التلخيص" (١/ ١٢٦).
(٤) "شرح العمدة" (١/ ١٠٢).
(٥) "التمهيد" (٢١/ ٢٠٨).
(٦) "شرح فتح القدير" (١/ ٧٢)، "حاشية الدسوقي" (١/ ١١٢)، "مغني المحتاج" (١/ ٧٩)، "الإنصاف" (١/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>