للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه"، وذلك أن الإنسان ظلوم جهول، قد يطغى عليه حب المال مع ضعف الإيمان فيستبطئ حياة مورثه، فتسول له نفسه الإقدام على قتله والقضاء عليه؛ ليستأثر بهذه الثروة، ويستبد بهذا المال، فعامله الشارع بنقيض قصده، فحرمه من الميراث.

ومع إجماع أهل العلم على أن القتل مانع من الإرث، إلا أنهم اختلفوا في صفة القتل الذي يمنع من الإرث على أقوال أربعة:

الأول: مذهب الحنابلة أن القتل المانع من الإرث، هو القتل بغير حق، وهو المضمون بقود أو دية أو كفارة؛ كقتل العمد وشبهه والخطأ وما جرى مجرى الخطأ؛ كالقتل بالسبب؛ كحفر البئر، أو وضع حجر في الطريق، والقتل من الصبي والمجنون والنائم.

وأما القتل الذي لا يضمن بشيء مما ذكر فلا يمنع الإرث؛ كالقتل قصاصًا، أو حدًّا، أو دفاعًا عن النفس، أو قتل العادلِ الباغيَ، ونحو ذلك؛ لأن المنع من الإرث تابع للضمان، فإذا لم يكن القتل مضمونًا على القاتل بشيء، لم يمنع (١).

القول الثاني: مذهب الشافعية أن القاتل لا يرث من قتيله بحال من الأحوال، فلا يستثنى عندهم شيء، وهو رواية عن أحمد، لعموم حديث الباب، ولأن القاتل حرم الإرث حتى لا يكون القتل ذريعة إلى استعجال الميراث، فوجب أن يحرم بكل حال، لحسم الباب (٢).

القول الثالث: مذهب الحنفية أن القتل المانع هو ما أوجب قصاصًا أو كفارة، وهو العمد وشبهه، والخطأ وما جرى مجراه؛ كانقلاب نائم على شخص، أو سقوطه عليه من سطح، بخلاف القتل بسبب كما لو حفر بئرًا، أو وضع حجرًا في الطريق، فقتل مورثه، وكذا القتل قصاصًا ونحوه، أوكان القاتل صبيًّا أو مجنونًا، فهذه الأنواع لا تمنع الإرث؛ لأنها لا توجب قصاصًا


(١) "المغني" (٩/ ١٥٢).
(٢) "المغني" (٩/ ١٥٢)، "المهذب" (٢/ ٢٥ - ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>