للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (مسلم) هذا الوصف خرج مخرج الغالب -أيضًا- فلا مفهوم له؛ لأن وصية الكافر جائزة، وكأنهم أجروا الوصية مُجرى العتق، وإلا فالكافر، لا عمل له بعد الموت، أو أن هذا الوصف ذكر للحث والتهييج لتقع المبادرة بامتثال ذلك؛ أي: من شأن المسلم أن يسارع إلى ذلك.

قوله: (شيء) هذا لفظ يطلق على الكثير والقليل من المال الموصى به؛ أي: له شيء من مال أو دين أو أمانة أو حق فرط فيه، ونحو ذلك.

قوله: (يريد أن يوصي فيه) صفة لشيء.

قوله: (يبيت) هذا مضارع على تقدير أن المصدرية؛ أي: أن يبيت؛ كقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} [الروم: ٢٤] دل على ذلك رواية النسائي: (أن يبيت) (١)، وعند أحمد: (حق على كل مسلم ألا يبيت ليلتين)، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر (ما)، والتقدير: ما حق امرئ مسلم بيتوتة ليلتين إلا وهو بهذه الصفة، وقال العيني: إن الخبر ما بعد إلا، والواو للحال (٢)، وذكر الصنعاني أن الخبر ما بعد إلا، والواو زائدة.

قوله: (ليلتين) هذه رواية الصحيحين، وعند مسلم والنسائي وأحمد (يبيت ثلاث ليالٍ)، ولأبي عوانة (٣)، والبيهقي (ليلة أو ليلتين)، والظاهر من هذه الروايات أنها للتقريب لا للتحديد، بمعنى لا يمضي ليلة زمان وإن كان قليلًا إلا ووصيته مكتوبة، وكأن الثلاث غاية التأخير، فأُعطي الإنسان هذه المدة لحاجته إلى تذكر ماضيه والتفكير في أمره، والله أعلم.

قوله: (إلا ووصيته) هذا حال مستثنى من أعم الأحوال؛ أي: ليس حقه البيتوتة في حال من الأحوال إلا في حال كون الوصية مكتوبة عنده.

قوله: (مكتوبة) أي: سواء كتبها بخطه أو بخط غيره.

* الوجه الثالث: الحديث دليل على تأكيد الوصية والحث عليها، وقد


(١) "سنن النسائي" (٦/ ٢٣٩).
(٢) "عمدة القارئ" (١١/ ٢٥٨).
(٣) "مسند أبي عوانة" (٣/ ٤٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>