أجمع المسلمون على الأمر بها، وإنما الخلاف في وجوبها، كما سيأتي -إن شاء الله-، وظاهر الحديث أن الوصية لا تشرع لمن ليس له شيء يوصي فيه ولا به.
* الوجه الرابع: مشروعية المبادرة إلى الوصية بيانًا لها، وامتثالًا لأمر الشرع، واستعدادًا للموت أن يشغله شاغل، وهذا فيه حث على التهيؤ للموت والاستعداد له.
* الوجه الخامس: ظاهر الحديث أنه لا يشترط في الوصية أن تكون من المريض، بل القوي المعافى يوصي بما يحتاج إليه، وهو في حال صحته، ولا يحتاج في المرض إلى تجديد الوصية بشيء أصلًا، لكن لو فرغ من وصيته، ثم تجدد له أمر يحتاج إلى الوصية به ألحقه، ولا ينبغي له أن يتلف الوصية الأولى قبل كتابة الثانية إذا كان يريد إلغاء الأولى، لئلا يفجأه الموت بعد إتلاف الأولى وقبل كتابة الثانية! فيفوته الأمر، ويصير ماله كله للورثة.
* الوجه السادس: لا فرق في صحة الوصية بين الرجل والمرأة؛ لما علمت من أن قوله:(امرئ) خرج مخرج الغالب، سواء أكانت المرأة متزوجة أم غير متزوجة، أذن زوجها أم لا، وكذا لو كانت بكرًا ولم يأذن أبوها؛ لأن الوصية يقصد بها تحصيل قربة أخروية عند انقضاء العمر في قدر مأذون فيه شرعًا.
* الوجه السابع: الحديث دليل على أن الكتابة المعروفة تكفي لإثبات الوصية والعمل بها، ولا يُحتاج في ذلك إلى إشهاد؛ لأنه لم يذكر في الحديث، والخط إذا عرف فهو بينة ووثيقة قوية، وعلى ذلك العمل قديمًا وحديثًا، جاء في "الاختيارات": (تنفذ الوصية بالخط المعروف، وكذا الإقرار إذا وجد في دفتره، وهو مذهب الإِمام أحمد)(١).
وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في رواية: لا بد من الإشهاد على