للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخط، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَينِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ} [المائدة: ١٠٦] فدلت الآية على اعتبار الشهادة في الوصية، بل على شهادة اثنين، ويكون معنى الحديث: مكتوبة بشرطها، وهو الإشهاد.

وأجاب الأولون بأنه لا يلزم من ذكر الإشهاد في الآية أنها لا تصح الوصية إلا به، قال الصنعاني: (والتحقيق أن المعتبر معرفة الخط، فإذا عُرف خط الموصي عُمل به) (١).

وهذا هو الأظهر -إن شاء الله وهو أنه إذا وجدت وصية إنسان بخطه الثابت المعروف بإقرار ورثته أو بينة تعرف خطه صحت وصيته وعمل بها بلا إشهاد، وقد أفتى بذلك الإِمام أحمد (٢). لثبوت الحديث في الكتابة دون ذكر الإشهاد، ولو لم يجز الاعتماد على الخط لم تكن لكتابة وصيته فائدة، لكن إن أشهد فهو أحسن؛ لأنه أحفظ للوصية وأحوط بما فيها.

* الوجه الثامن: الحديث دليل على أن الأشياء المهمة تضبط بالكتابة؛ لأنها أثبت من الضبط بالحفظ؛ لأنه يخون غالبًا.

* الوجه التاسع: اختلف العلماء في الوصية هل هي واجبة أو لا؟ فذهب الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة إلى أنها مندوبة، بل نقل ابن عبد البر إجماع العلماء على أن الوصية غير واجبة على أحد إلا من كانت عليه حقوق بغير بينة، من وديعة أو أمانة، أو غيرها، فيوصي بذلك، واعتبر القائلين بالوجوب طائفة شاذة لا يعدون خلافًا (٣).

وقد استدل ابن عبد البر للجمهور بأنه لو لم يوصِ لوجبت قسمة تركته بين ورثته بالإجماع، ولو كانت واجبة لأُخرج من ماله سهم ينوب عن الوصية.


(١) "سبل السلام" (٥/ ٣٤٨).
(٢) "مسائل الإِمام أحمد برواية إسحاق بن هانئ" (٢/ ٤٤)، وانظر: "الطرق الحكمية" ص (٢١٦).
(٣) "التمهيد" (٨/ ٣٨٤) (١٤/ ٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>