للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأول: بيان أن الأفضل الاقتصار عليه في الوصية بلا زيادة، وهذا هو المتبادر من السياق، وقد فهم ذلك ابن عباس -رضي الله عنهما-، فقال: (لو غضَّ الناس إلى الربع؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الثلث والثلث كثير") (١).

الثاني: بيان أن التصدق بالثلث هو الأكمل؛ أي: كثير أجره، ويكون من الوصف بحال المتعلق.

قوله: (إنك أن تذر) جملة مستأنفة للتعليل، ومعنى (تذر): تترك، وهذا مضارع لا ماضي له من لفظه، وهو ترك، وكذا المصدر، ويجوز في قوله: "أن تذر" وجهان:

الأول: فتح الهمزة على أنها مصدرية، والمضارع بعدها منصوب، وهي وما دخلت عليه في تأويل مصدر مبتدأ، خبره (خير) أي: إنك تَرْكُكَ ورثتك أغنياء خير من تركهم فقراء.

الثاني: كسر الهمزة على أنها شرطية، والمضارع بعدها مجزوم، وجواب الشرط (خير) على تقدير: (فهو خير)؛ لأن حذف الفاء في مثل هذا جائز؛ كقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ} [فصلت: ٤٦].

قوله: (ورثتك) جمع مفرده وارث، والوارث: من ينتقل إليه مال الميت بتمليك الله تعالى إياه.

وجاء لفظ الورثة ولم يقل: (أن تدع بنتك) مع أنه لم يكن له يومئذ إلا ابنة واحدة لكون الوارث حينئذ لم يتحقق هل هو البنت أو غيرها مستقبلًا، فإن سعدًا - رضي الله عنه - إنما قال ذلك ظنًّا منه أنه يموت في هذا المرض وتبقى هي بعد موته، ومن الجائز أن تموت قبله، فأجاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بكلام كلي مطابق لكل حالة، وهو قوله: "ورثتك" ولم يخص بنتًا ولا غيرها.

قوله: (عالة) أي: فقراء، وهو جمع عائل وهو الفقير، يقال: عال يعيل


(١) أخرجه البخاري (٢٧٤٣)، ومسلم (١٦٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>