للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وألحق بعض العلماء مرض موت المورِّث، فاعتبروا الإجازة فيه صحيحة، وهذا مذهب مالك، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم (١)، وذلك لأن الإجازة صدرت في وقت تعلق فيه حق الوارث بمال الموصي.

° الوجه الخامس: ظاهر قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَينِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: ١٨٠] ظاهرها وجوب الوصية للوالدين والأقربين مع أن فيهم الورثة، فيعارض هذا الظاهر ما تقدم تقريره من أنه لا وصية لوارث.

والجواب: أن للعلماء في إزالة هذا الإشكال مسلكين:

الأول: أن هذه الآية منسوخة، والناسخ لها آية المواريث، وحديث الباب فيه بيان لها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رتب نفي الوصية للوارث بالفاء على إعطاء كل ذي حق حقه.

الثاني: أن الآية محكمة غير منسوخة، وليست مخالفة لآيات المواريث ولا لحديث الباب؛ لأن ظاهر الآية العموم فيمن يرث من الوالدين والأقربين ومن لم يرث، فخص من عمومها من برث بآية الفرائض وبحديث الباب، فهذا لا وصية له، وبقي عمومها في حق من لا يرث من الوالدين والأقربين على حاله في وجوب الوصية لهم أو في استحبابها على القولين، وهذا القول فيه جمع بين الأدلة، ومتى أمكن الجمع تعين المصير إليه، بخلاف النسخ، فإن فيه تعطيلًا لأحد النصين (٢). والله تعالى أعلم.


(١) "المغني" (٨/ ٤٠٥)، "بدائع الفوائد" (١/ ٤).
(٢) "أحكام الوصايا في الفقه الإسلامي" ص (٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>