ووجه الاستدلال: أن الله تعالى منع الوصية للوارث، وما منعه الله فليس للورثة أن يجيزوه إلا أن يبذلوه هبة من عند أنفسهم، وكأن هؤلاء لم يأخذوا بزيادة (إلا أن يشاء الورثة) لنكارتها.
والقول الثاني: جواز الوصية للوارث إذا أجازها الورثة، وهذا مذهب الجمهور، واختاره شيخ الإِسلام ابن تيمية (١)، فإن أجازوها نفذت، وإلا بطلت، وإن أجازها بعضهم دون بعض جازت في حصة المجيز، وبطلت في حق من لم يجز، واستدلوا بدليل وتعليل:
أما الدليل فزيادة (إلا أن يشاء الورثة) على القول بصحتها.
وأما التعليل فأولًا: أن الورثة لو تنازلوا عن هذا المقدار لغير الورثة لجاز لهم، فمن باب أولى أن يجوز لبعض الورثة.
ثانيًا: أن في إيثار بعض الورثة من غير رضا الآخرين ما يؤدي إلى مفاسد وأضرار، كما تقدم.
* الوجه الرابع: الحديث بهذه الزيادة دليل على أن الورثة إذا أجازوا الوصية للوارث نفذت؛ لأن الحق لهم فإذا رضوا بإسقاطه سقط.
والمراد بهم: الورثة المرشدون، وهو أن يكون الوارث بالغًا عاقلًا عالمًا بالموصى به، فلا عبرة بإجازة صغير ومجنون ومريض مرض الموت، ووارث لم يعلم بما أوصى به الموصي.
والمعتبر في وقت الإجازة هو ما بعد موت الموصي، ولا عبرة بإجازتهم حال حياة الموصي؛ لأن الإجازة قبل الموت حق لم يملكوه، بخلاف ما بعد فلأنها حق لهم حينئذ.
فلو أجازوا الوصية للوارث حال حياة الموصي، ثم ردوها بعد وفاته صح الرد وبطلت الوصية.