للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث بهذه الزيادة منكر؛ لأنه ورد عن ابن عباس بإسناد حسن بدونها، كما أنه ورد عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - بدون الزيادة (١).

* الوجه الثاني: الحديث دليل على منع الوصية للوارث، قليلة كانت أم كثيرة؛ لأن الله تعالى قسم الفرائض، ثم قال سبحانه: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: ١٣ - ١٤] والوصية للوارث من تعدي حدود الله تعالى؛ لأنها تقتضي زيادة بعض الورثة عما حدَّ الله له وأعطاه إياه.

ثم إن الوصية للوارث يترتب عليها مفاسد عظيمة، فإنها سبب في الشقاق والنزاع، وقطع الرحم، وإثارة البغضاء والحسد بين الورثة، فينبغي للموصي أن يحذر هذا المسلك، وألا يوصي لأحد الورثة بشيء مهما كان الأمر؛ لئلا يكون سببًا فيما يحصل بين الورثة مما تقدم.

والمعتبر في كون من وُصِّي له وارثًا أو غير وارث إنما هو عند موت الموصي، لا وقت إنشاء الوصية، قال الموفق: (لا نعلم خلافًا بين أهل العلم في أن اعتبار الوصية بالموت) (٢)، وذلك لأنه الحال الذي يحصل به الانتقال إلى الوارث والموصى له، فلو أوصى لوارث كأخيه، ثم حُجب بابن تجدد صحت الوصية؛ لأنه صار عند الموت غير وارث، ولو أوصى لأخيه مع وجود ابنه، ثم مات ابنه بطلت الوصية إن لم تُجِزْ باقي الورثة -على أحد القولين- لأنه صار حال الموت وارثًا.

* الوجه الثالث: استدل بهذا الحديث من قال: إن الوصية للوارث لا تجوز مطلقًا وإن أجازها الورثة، وهذا رواية عن أحمد، وقول الظاهرية، والمزني (٣).


(١) "الإرواء" (٦/ ٩٧).
(٢) "المغني" (٨/ ٤٠٧).
(٣) "المغني" (٨/ ٣٩٦)، "المحلى" (٩/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>