للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهذه الأحاديث الثلاثة كلها ضعيفة، كما قال الحافظ، لكن باجتماعها قد يقوى بعضها ببعض، وبهذا أخذ الألباني (١).

° الوجه الثالث: الحديث دليل على فضل الله تعالى ورحمته بعباده حيث يسر لهم سبل الخير، وشرع لهم ما به زيادة أجرهم وتكثير حسناتهم، ومن ذلك أن الله تفضل عليهم بثلث أموالهم تكون في أعمال البر التي تنفع الأفراد والمجتمعات، فيصل أقرباءه الذين لا يرثون، ويسد خلة المحتاجين، ويساعد اليتامى والمساكين، ويخفف عن الضعفة والبائسين، وهذا يدل على أن الوصية قربة يتقرب بها الموصي إلى الله تعالى في آخر حياته لتزداد حسناته ويتدارك ما فاته في الدنيا من أعمال البر والإحسان بشرط أن يجتنب الإضرار في وصيته، وقد صح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: (الإضرار في الوصية من الكبائر) (٢).

° الوجه الرابع: ظاهر الحديث مشروعية الصدقة بثلث المال، سواء أكان مال الموصي قليلًا أم كثيرًا، وسواء أكانت الوصية لوارث أم لغير وارث، وهذا الإطلاق مقيد بما سلف من الأحاديث الدالة على أن الوصية للوارث غير صحيحة، ولا تنفذ إلا إن أجازها الورثة على أحد القولين.

والحديث لا يدل على أفضلية الثلث -كما تقدم- بدليل (الثلث والثلث كثير) فتكون الوصية بما دون الثلث أفضل، كما مضى. والله تعالى أعلم.


(١) "الإرواء" (٦/ ٧٩).
(٢) رواه النسائي في "الكبرى" (١٠/ ٦٠) موقوفًا، ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٨٨٩) مرفوعًا، والراجح وقفه انظر: "تفسير ابن كثير" (٣/ ٣٨٠، ٤٦٨) ط: دار عالم الكتب.

<<  <  ج: ص:  >  >>