للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حرزها، كأن يحفظ الدراهم في السيارة، أو يضع الكتاب في العراء فيصيبه المطر.

ومثال التعدي: أن يستعمل الوديعة كالسيارة أو الدابة، أو يقرأ في الكتاب، بدون إذن صاحبها، أو يتصرف في الوديعة بإجارة أو إعارة ونحو ذلك، فإنه يضمن إذا كان بغير إذن المودِع؛ لأنه ينقلب بهذا التصرف غاصبًا، ويخرج عن كونه أمينًا، واستثنى فقهاء الشافعية والحنابلة ما إذا استعمل الوديعة لمصلحة المالك، كأن يركب الدابة لعلفها أو سقيها، وهي لا تنقاد إلا بالركوب، فلا ضمان عليه في ذلك؛ لأنه مأذون فيه عرفًا، فضلًا عن كونه محسنًا فيه، وما على المحسنين من سبيل (١).

والفرق بين التفريط والتعدي: أن التفريط ترك ما يجب، والتعدي فعل ما لا يجوز.

أما إذا استقرض الوديعة فلا خلاف بين الفقهاء أنها تكون مضمونة في ذمته على كل حال، وإنما اختلفوا في حكم استقراضها بدون إذن صاحبها، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما الاقتراض من مال المودِع فإن علم المودَع علمًا اطمأن إليه قلبه أن صاحب المال راضٍ عنه في ذلك فلا بأس في ذلك، وهذا إنما يعرف من رجل اختبرته خبرة تامة، وعلمت منزلتك عنده، ومتى وقع في ذلك شك لم يجز الاقتراض) (٢).

وقول المصنف: (وباب قسم الصدقات تقدم في آخر الزكاة)، (وباب قسم الفيء والغنيمة يأتي عقب الجهاد إن شاء الله تعالى) ذكر المصنف هذا؛ لأن عادة فقهاء الشافعية جَعْلُ هذين البابين قُبيل كتاب "النكاح" في كتبهم، ومن هؤلاء النووي في كتابه "منهاج الطالبين" والمصنف خالفهم مشيرًا إلى أن


(١) انظر: "روضة الطالبين" (٦/ ٣٣٤)، "شرح منتهى الإرادات" (٤/ ٢٤٣).
(٢) "الفتاوى" (٣٠/ ٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>