للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: إذا هنأه ودعا له بالتوفيق وحسن العشرة والذرية الطيبة.

وأصل الرِّفاء -بكسر الراء والمد-: الالتئام والاتفاق وجمع الشمل، ومنه رفأ الثوب: إذا أصلحه، وبين القوم رفاء أي: التحام واتفاق (١).

ويجوز أن يكون من الهدوء والسكون، تقول: رفوته: إذا سَكَّنْتَ ما به من روع (٢).

قوله: (بارك الله لك) هذه جملة خبرية لفظًا إنشائية معنى؛ لأن المراد بها الدعاء، وكذا ما بعدها. ولعل الجمع بين (لك) و (عليك) أن البركة لما كانت نافعة تعدت باللام، ولما كانت نازلة من السماء تعدت بـ (على) وجاء الحديث بالوجهين للتأكيد والتفنن (٣).

قوله: (وجمع بينكما) أي: بينك وبين زوجك، وهذا يفهم من السياق.

قوله: (في خير) لفظ شامل لكل أنواع الخير من الطاعة وحسن المعاشرة والذرية الصالحة.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على استحباب الدعاء للمتزوج بأن يبارك الله تعالى له، وأن يبارك عليه، وأن يجمع بينه وبين زوجه في خير. وقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن عوف لما تزوج بقوله: "بارك الله لك" (٤).

والدعاء للمتزوج من محاسن الشريعة الإسلامية، وذلك بأن يُهنأ المسلم بما حصل له من الخير وأن يدعى له بما يناسب الحال من البركة ودوام النعمة وشكرها.

ولا يجوز العدول عن هذا الدعاء إلى ما اعتاده بعض الناس من قولهم: بالرِّفاء والبنين (٥). فإن هذا من عمل الجاهلية، وقد نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد


(١) "المصباح المنير" ص (٢٣٤)، "حاشية السندي على ابن ماجه" (١/ ٥٨٩).
(٢) "غريب الحديث" (١/ ٢٠٧).
(٣) "تكملة المنهل العذب المورود" (٤/ ١٣)، "الفتوحات الربانية" (٦/ ٧٧).
(٤) سيأتي هذا الحديث في باب (الوليمة) إن شاء الله تعالى.
(٥) قال الزمخشري: (إن الباء متعلقة بمحذوف دل عليه المعنى؛ أي: أعرستما أو اصطحبتما) "الفائق" (٢/ ٧٠)، وانظر: "مجمع الأمثال" للميداني (١/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>