للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ورد عن الحسن أن عقيل بن أبي طالب تزوج امرأة من جُشم، فدخل عليه القوم، فقالوا: بالرفاء والبنين، فقال: لا تفعلوا ذلك، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك، قالوا: فما نقول يا أبا يزيد؟ قال: قولوا: بارك الله لكم، وبارك عليكم، إنا كذلك كنا نؤمر (١). وفي رواية لأحمد: لا تقولوا ذلك، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نهانا عن ذلك، وقال: "قولوا: بارك الله فيك، وبارك لك فيها"، ولعل الحكمة -والله أعلم- في النهي عن استعمال هذه الجملة، ثلاثة أمور:

١ - لقصد مخالفة ما كان عليه أهل الجاهلية.

٢ - لما فيه من الدعاء له بالبنين دون ذكر البنات، وفي هذا موافقة للعرب في جاهليتهم حيث كانوا يكرهون البنات، قال الله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨)} [النحل: ٥٨].

٣ - أنه ليس فيه ذكر اسم الله تعالى ولا حمده ولا ثناء عليه، وهذه أمور مطلوبة.

واعلم أن لفظ الرفاء لا محذور فيه، فإن الصحابي عبر به، وهو أعلم بنصوص الشريعة وهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما المحذور الدعاء للمتزوج بالبنين (٢).

وانظر إلى ما أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا اللفظ الوجيز البليغ، وهو دعاء جامع شامل لمصالح الدنيا والآخرة، فإن حصول البركة لهما وعليهما والجمع بينهما بخير ينتظم سعادة الزوجين وصلاحهما وصلاح ذريتهما. والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه النسائي مختصرًا (٦/ ١٢٨)، وأحمد (٣/ ٢٦١)، وابن ماجه (١٩٠٦)، وهو حديث قوي بطرقه، كما قال الألباني: في "آداب الزفاف" ص (١٠٤).
(٢) "تصحيح الدعاء" ص (٥٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>