للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأخرى، ومنها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فهي قضايا أعيان، والخطاب فيها لأفراد من الصحابة -رضي الله عنهم-، وقد علم في الأصول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خاطب واحدًا من الصحابة بشيء فهو عام لجميع المكلفين إلا إن قام دليل على التخصيص، ثم إن حديث جابر - رضي الله عنه - فيه فائدة وهي موضع نظر الخاطب.

وفي الباب -أيضًا- حديث أبي حميد أو حميدة، وكان قد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها للخطبة، وإن كانت لا تعلم" (١).

° الوجه الثالث: هذه الأحاديث فيها دليل على مشروعية نظر الخاطب إلى مخطوبته، وهو مذهب الجمهور من أهل العلم، بل نقل بعضهم الاتفاق، وكأنه لم يلتفت إلى خلاف من خالف لضعفه، فإن الأحاديث صريحة في ذلك وكثيرة، وقد عمل بها الراوي كما في حديث جابر - رضي الله عنه -، وقد روي عن مالك وغيره القول بعدم جواز نظر الرجل إلى مخطوبته، وهي رواية مرجوحة ذكرها ابن عبد البر، وذكرت عنه رواية بالجواز، وهي التي عليها كتب المالكية (٢)؛ وذلك لأن النكاح عقد يقتضي التمليك، فكان للعاقد النظر إلى المعقود عليه، ولأن النظر أحرى إلى استقامة الأحوال ودوام العشرة، وهذه الحكمة جاء ذكرها في حديث المغيرة، وهي قوله: "فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"؛ أي: تكون بينكما المحبة والاتفاق، يقال: أَدَم الله بينهما، يأدِمُ أدْمًا، بالسكون؛ أي: ألَّف ووفق (٣).

فإذا تزوجها بعد معرفة لم يكن هناك ندامة في الغالب؛ لأن النكاح بعد تقديم النظر أدل على الألفة والموافقة، وبالجملة ففوائد الرؤية كثيرة، ومنها:

١ - متابعة السنة.

٢ - دوام المودة بين الزوجين.


(١) رواه أحمد (٣٩/ ١٥) وإسناده صحيح.
(٢) "الكافي" (٢/ ٥١٩).
(٣) "النهاية" (١/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>