للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وجهها، ووجه الاستدلال: أن هذه المرأة لو لم تكن كاشفة وجهها لما صعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - النظر فيها وصوبه، ولو لم يقصد أنه إذا رأى منها ما يدعوه إلى نكاحها ما كان للمبالغة في تأملها فائدة.

والجواب: أن هذا الحديث ليس فيه دليل لمن قال بجواز كشف المرأة وجهها؛ لأمرين:

الأول: ليس في الحديث ما يدل على أنها كانت كاشفة عن وجهها، وقول الراوي: (فصعد فيها النظر وصوبه) لا يلزم منه كشف الوجه، بل إن أعلاها مستور كما أن أسفلها مستور، وقد صعد النظر إلى أعلاها وصوبه إلى أسفلها.

الثاني: يحتمل أن ذلك قبل الحجاب، واختار هذا الشيخ عبد العزيز بن باز حيث قال: (ولعل هذا كان قبل الحجاب، ولهذا لم يأمرها بالتستر عن الحاضرين، ويجب حمله على هذا).

أو أنه بعد الحجاب لكنها متلفعة، وهذا قاله ابن العربي، واستبعده الحافظ؛ لأن سياق الحديث يرده (١).

° الوجه الثامن: استدل العلماء بهذا الحديث على أن خطبة النكاح ليست بواجبة؛ لأنه لم يرد لها ذكر في شيء من طرق الحديث، كما تقدم.

° الوجه التاسع: استدل الجمهور من أهل العلم بهذا الحديث على أن النكاح لا يختص بلفظ الإنكاح والتزويج فحسب، بل ينعقد بكل لفظ يدل عليه، وهذا قول أبي حنيفة، ومالك، وقول في مذهب أحمد (٢)، وذلك في قوله: "اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن"، فإذا انعقد بلفظ التمليك ثبت انعقاده بأيّ لفظ يدل على ذلك.

ولأن العبرة في العقود بالمقصود والمعاني، لا بالألفاظ والمباني، فألفاظ


(١) "فتح الباري" (٩/ ٢١٠).
(٢) "بداية المجتهد" (٣/ ١٣)، "المغني" (٩/ ٤٦٠)، "شرح فتح القدير" (٣/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>