للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البخاري في صحيحه عنه أنه قال: (الدخول والمسيس واللماس هو الجماع) (١)، وقد أخرج عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة أن عبيد بن عمير وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح اختلفوا في الملامسة، قال سعيد وعطاء: هو اللمس والغمز، وقال عبيد بن عمير: هو النكاح، فخرج عليهم ابن عباس وهم كذلك، فسألوه وأخبروه بما قالوا، فقال: أخطأ الموليان، وأصاب العربي، وهو الجماع، ولكن الله يَعِفّ ويكني (٢)، وتفسيره أرجح من تفسير غيره لتلك المزية.

وقد ورد هذا التفسير عن جماعة من السلف، كما نقل ذلك ابن جرير في «تفسيره» (٣)، قال ابن كثير: (وقد صح من غير وجه عن عبد الله بن عباس أنه قال ذلك) (٤)، وقد رجح ذلك ابن جرير (٥).

٢ - أنه إذا حمل لفظ الملامسة أو اللمس في القراءة الأخرى على الجماع تكون الآية شاملة للحدثين: الأصغر في قوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}، والأكبر في قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} وهذا أبلغ وأشمل، أما إذا أريد منه المس باليد - مثلاً - فإنه يكون قليل الفائدة، إذ المجيء من الغائط واللمس حينئذ من موجبات الوضوء، فتخلوا الآية من ذكر موجب الغسل، وهو الحدث الأكبر.

٣ - أن تفسير اللمس في الآية بالجماع فيه جمع بين الأدلة وإعمال لها كلها، بخلاف ما إذا فسر باللمس باليد فإن ذلك يلغي دلالة السنة على عدم الوضوء من لمس المرأة.

وأما قولهم: إن اللمس حقيقة في المس باليد فهذا صحيح، لكنه تعورف عند إضافته إلى النساء في معنى الجماع، بل يكاد يكون ظاهراً فيه، كما أن الوطء حقيقته المشي بالقدم، فإذا أضيف إلى النساء لم يفهم منه غير الجماع.


(١) انظر: "فتح الباري" (٩/ ١٥٧).
(٢) "المصنف" (٥٠٦) وهو صحيح الإسناد.
(٣) "تفسير ابن جرير" (٨/ ٣٩٦).
(٤) "تفسير ابن كثير" (٢/ ٢٧٦).
(٥) "تفسير ابن جرير" (٨/ ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>