للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزواج، فإن الولاية تنتقل إلى السلطان على قول الشافعي وأحمد في رواية عنه (١)، وذهب أبو حنيفة في المشهور عنه وأحمد في المنصوص عنه إلى أنها تنتقل إلى الأبعد بشرط كونه كفأ (٢).

الثالثة: أن يمتنع جميع الأولياء عن تزويجها ويعضلونها، فتنتقل الولاية إلى السلطان قولًا واحدًا.

ويوجد في المجتمع وعند بعض القبائل صور سيئة من العضل ومنع النساء من الزواج؛ لأغراض فاسدة وتصرفات قبيحة، ومنها: أن يريد الولي بقاء المرأة للخدمة، أو تقوم برعي إبله وغنمه، أو يلزمها بمن لا تريد الزواج منه؛ كابن أخيه أو نحوه من القرابة، أو لأجل أن يستفيد من مرتبها؛ كأن تكون معلمة، أو يتشدد في الصفات المطلوبة في الزوج، وهذا كله من الظلم والإساءة إلى المرأة، والتشبه بأهل الجاهلية، والوقوع فيما نهى الله عنه في قوله سبحانه: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: ١٩].

الرابعة: إذا غاب الولي الأقرب غيبة منقطعة زوجها السلطان، ولا يزوجها الأبعد على قول الشافعي، وقال أحمد وأبو حنيفة: يزوجها الأبعد من الأولياء، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "السلطان ولي من لا ولي له"، وهذه لها ولي، فلا يكون السلطان وليًّا لها.

وقد اختلف الفقهاء في ضابط الغيبة التي تنتقل فيها الولاية إلى الأبعد بناء على ما في زمانهم من صعوبة الاتصالات، فبعضهم حدها بالزمن، وبعضهم حدها بالمسافة، أما اليوم فقد تغير الحال وأصبح الاتصال بمن هو في أقصى الدنيا أمرًا ميسورًا.

والصواب أن ضابط الغيبة ما يفوت فيها مصلحة المخطوبة، فإن لم يكن فيه تفويت مصلحة فلا بأس بالانتظار، وكذا لو كانت الغيبة قصيرة ويمكن الاتصال عليه بالهاتف، فيوكل من يقوم مقدمه في عقد النكاح.


(١) "المغني" (٩/ ٣٨٢).
(٢) "المغني" (٩/ ٣٨٢)، "أحكام الزواج" ص (١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>