للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويعتبر في الاستئذان تسمية الزوج على وجه تقع المعرفة به، فيذكر لها نسبه، وعمله، ونحو ذلك مما فيه مصلحة، لتكون على بصيرة من أمرها.

° الوجه الرابع - اتفق العلماء - إلا من شذ منهم - على منع الولي من إكراه المرأة الثيب البالغة العاقلة على الزواج.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (الثيب البالغة لا تُنكح إلا بإذنها باتفاق الأئمة) ويقول: (البالغ الثيب لا يجوز تزويجها بغير إذنها، لا للأب ولا لغيره بإجماع المسلمين) (١).

واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأيم أحق بنفسها من وليها"، وبقوله: "ليس للولي مع الثيب أمر"، وعن الخنساء بنت خِذَام الأنصارية، أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فردَّ نكاحها (٢).

كما استدلوا من المعقول بأن الثيب البالغة رشيدة عالمة بالمقصود من النكاح مختبرة له، فلم يجز إجبارها عليه كالرجل (٣). وعلى هذا فإذا زوجها وليها بدون رضاها بطل العقد، لما تقدم، فإن أجازت العقد فيما بعد، فهل يلزم تجديده بعد رضاها؟ على قولين.

° الوجه الخامس: اختلف العلماء في إجبار البكر البالغة العاقلة على الزواج على قولين:

الأول: أنه يجوز لوليها أن يزوجها بغير إذنها، وهذا قول مالك، والشافعي، وإسحاق، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد (٤)، واستدلوا بحديث ابن عباس المذكور، ووجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم النساء قسمين، ولما أثبت لأحدهما الحق، دل على نفيه عن الآخر، وهو البكر، فيكون وليها أحق منها، وإلا فلا فائدة من التفرقة، ولا يقال: الفائدة من التفرقة في صفة الإذن؛ لأننا نقول: ظاهر الحديث أن الذي فُرِّقَ فيه حق


(١) "الفتاوى" (٣٢/ ٢٩ - ٣٩).
(٢) أخرجه البخاري (٥١٣٨).
(٣) "أحكام الزواج" ص (١٤٣).
(٤) "بداية المجتهد" (٣/ ١٥)، "مغني المحتاج" (٣/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>